الاثنين، 4 يوليو 2011

خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي (الخميس04 يونيو2009)

        لقد كان أوباما ذكيا جدا عندما خاطب المسلمين في أول كلمة له بتحيتهم ( السلام )، وكذلك حال كل مخاطب يهدف إلى استمالة قلوب المخاطبين، فإنه يستشعرهم بأعز شيء عندهم.
واختياره للقاهرة لم يكن بمحض الصدفة، وإنما لأنه كان واعيا أشد الوعي أن أخطر شيء يهدد كيان الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الإسلامي هو الشرق الأوسط . حيث: إيران، وأفغانستان، والعراق، ولبنان، و...
إن هدف أوباما الأسمى هو خلق أواصر القرابة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي، بعدما فرقت بينهما الحروب، خلال السنوات السابقة على توليه الحكم، وبالذات سنوات حكم بوش. قال عصام العريان ( العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين المصرية ) : " إنه لو توقف أوباما عن سياسات بوش "الحمقاء" وبدأ في بناء الجسور بين أمريكا وشعوب العالم الإسلامي، فسوف تكون هذه خطوة جيدة".
كان ذكيا أيضا عندما استهل حديثه عن البلد المضيف(مصر) ، فأخذ يستشعر مخاطبيه بماضيهم وحضارتهم العريقين" تستضيفني اليوم مؤسستين عظيمتين؛ جامعة الأزهر، وجامعة القاهرة العظمى"، فهي إذن صورة إيجابية تجاه مصر (+).
وفي الفقرة الثانية حاول أن يذكر مخاطبيه بموقف الطرفان السلبي ( - ) ، " الغرب عدو الإسلام، والإسلام عدو الغرب".
لينتقل بعد ذلك (في الفقرة الثالثة)، إلى بناء ذات أخرى، خاصة بالمتطرفين، مستندا في ذلك إلى مقتطفات من التاريخ، منها: حادثة 11 سبتمبر( - ).
وفي الفقرة الرابعة، حاول أن يزاوج بين السلبي والإيجابي ( الكراهية السلام، الصراعات التعاون...) ، ( - ، + ).
وظيفة الخطاب في هذه الفقرات السابقة، هي وضع المتلقي أمام المشكل، وتفسير المشكل. ثم وضعه بين اختيارات.
وانتقل بعد ذلك ( في الفقرة الخامسة )، إلى نبذ العنف، وبناء ذات أخرى بشكل إيجابي: ( الإحترام، والإستماع، والتعلم...)، ( + ).
ثم أخذ ( في الفقرة السادسة )، يتعامل مع ذات صغيرة، ذاته كفرد، يريد أن يقول لمخاطبيه أني واحد منكم" فأنا الآخر نشأت في بلد إسلامي ( إندونيسيا )، ورأيت المسيحيين يمارسون شعائرهم بحرية في بلد مسلم، وفي كل دولة لابد أن يختار الناس حريتهم الدينية بحقهم "، فليس هناك من اختلاف بين الإسلام وأمريكا ( + ).
لينتقل بعد ذلك إلى بناء صورة إيجابية للمسلمين داخل أمريكا ( + ).
وفي الفقرة الأخيرة حاول أن يثبت حقيقة الإسلام " علينا أن نتذكر ما قاله لنا القرآن من أن الخلق كان من شعوب وقبائل للتعارف، والتلمود يقول لنا إن التوراة خدمت هدفا واحدا وهو تعزيز السلام، والإنجيل يقول إنه يبارك صانعي السلام "، وليس ما هو إسلامي
( الإيجابي لا السلبي ).
مما سبق يتبين أن الطابع المهيمن على خطاب أوباما، هو الطابع الإيجابي. وكأنه جاء يبحث عن تعاقد جديد، لا خلق صورة جديدة. يبحث عن الشرعية، لا تسوية الوضع.



 مراكش في : 19/06/2011 







  
مفهوم النظم عند عبد القاهر الجرجاني ( قراءة في ضوء الأسلوبية )
                                                                                           نصر أبو زيد

إن الهدف من هذا المقال هو : الدعوة إلى إعادة قراءة التراث قراءة جديدة ومعاصرة . يقول : " ... وكيف يوصف التراث بالاستقلال عن الوعي المعاصر، وهو لا يوجد إلا فيه وبه؟ " ، ومن هذا التراث، مفهوم النظم عند عبد القاهر.
وليس محتما على هذه القراءة أن تطرح نفس الأمثلة التي طرحها عبد القاهر، ولا أن تجيب بنفس الأجوبة التي أجاب بها.
فهي إذن محاولة لدحض " القراءة المتحيزة " التي لا تؤمن بوجود أية علاقة بين الماضي والحاضر.
إنها قراءة تأويلية بالمعنى المقبول والمستساغ في اللغة. إنها رحلة للبحث عن مغزى النص، دون مجرد التوقف عند المعنى الظاهر. وهي بذلك شبيهة بما قام به عبد القاهر نفسه في تعامله مع نصوص سابقيه. وذلك بالاستناد إلى عمليتي الهدم والبناء.
إن نصر أبو زيد بمقاله هذا يسعى إلى تحديد خصائص النصوص الأدبية، والسبيل في ذلك عمل عبد القاهر في " الأسرار " و " الدلائل " ؛ حيث يميز عبد القاهر بين مستويات الكلام، التي تبدأ من " الكلام العادي " وتنتهي عند " الكلام المعجز ". وذلك لا يتأتى إلا بالوقوف عند " الكلام الأدبي ".
يرى أبو زيد أن عبد القاهر الجرجاني في إجابته على بعض الأسئلة مثل : ما الذي يميز كلاما من كلام؟ ، كان قريبا من الفكر الأسلوبي المعاصر، وبالذات عندما يرى أن " الشعر " و " القرآن "، كلام ينتمي إلى اللغة، ولكنه يتميز بخصائص " فنية ".
من أجل توضيح تلك الخصائص، يبدأ عبد القاهر بتحديد القواسم المشتركة بين الشعر والكلام العادي؛ فكلاهما ينتمي إلى مجال اللغة.
ويبقى مفهوم " النظم " في اعتقاد عبد القاهر هو المميز الأساس بين الكلام الأدبي وغيره.
وفي نظر أبي زيد : " ... إن مفهوم " النظم " عند عبد القاهر يقترب إلى حد كبير من مفهوم " الأسلوبية "، ويصبح " النظم " الذي يصنع " علم النحو " قواعده، هو علم " دراسة الأدب "، أو " علم الشعر... ".
فما يقصده عبد القاهر بعلم النحو ليس هو " القوانين النحوية المعيارية "، وإنما هو الفروق بين أساليب مختلفة في " الكلام "، تبدو من منظور " النحو المعياري " أساليب متساوية.
وعندما يتحدث عبد القاهر عن الأسلوب فإنما يقصد به الطريقة الخاصة في التعبير. وبالختلاف الأسلوب تختلف الدلالات. ولاسبيل للقول إن فلان سرق من فلان.
إن نصر أبو زيد في كثير من الأحيان يسعى ما أمكن إلى الثورة على كل ماضي، الثورة بمفهومها الإيجابي، الذي يسمح بقراءة الماضي وفق متطلبات الحاضر.
لكن سرعان ما يسقط هو الآخر وكغيره من رواد الأسلوبية في العالم العربي، في المعيارية، خاصة عندما يقول : " إنها قراءة تأويلية بالمعنى المقبول والمستساغ في اللغة " أي أن تتوافق هذه القراءة وقواعد اللغة، وهو ما لاسبيل له داخل حقل الأسلوبية.












ظواهر أسلوبية في شعر المتنبي
عبده بدوي
أول شيء في أسلوبية المتنبي، ما يسمى " ببراعة الاستهلال "، في غالب الأحيان تتسم الإستهلالات الشعرية في شعر المتنبي بالغموض والاستعصاء فهو يسعى ما أمكن إلى أن يتعالى على المستمعين، وأن يرفعهم إليه.
" إنه يبدأ غامضا لينتهي واضحا، وأن اللغة والسياق يتعاونان تعاونا وثيقا مع الغموض ومع الوضوح؛ فهو يبدأ مستعليا ومنفصلا عن الناس، ثم ينتهي إلى خصيصة من خصائص الأسلوب البدوي هي الوضوح ... " ( ص:197 ).
فيما يخص الألفاظ، فهي ألفاظ جزلة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الألفاظ التي لا تتوافق مع اللغة وقوانينها؛ كالتقطيع اللغوي؛ أو التكرار لغير ما يحسن له التكرار ...
وقد تعقب كثير من النقاد، ألفاظ المتنبي وتراكيبه، فوجدوا عنده ما يسمى " بالضرورة الشعرية "، " ثم إنه كان يقع في كثرة الحشو، والتضمين، وقبح الاستعارة وخفاء الكناية، بالإضافة إلى الإيجاز المخل، وسوء المطابقة، والسطحية، والتعامل مع بعض مصطلحات المتصوفة والفلاسفة من غير صهرها في التجربة " . ( ص : 199 ).
معاني المتنبي هي الأخرى تتسم بالتعقيد والغموض، ومرد ذلك في نظر الكاتب "... الاتصال بنفسيته أكثر من الاتصال بقوانين اللغة ... " ( ص : 199 ).
فيما يخص الوزن، فقد عمد المتنبي إلى " البحور القوية المعطاءة ذات النغم المدود الذي يصلح للتعبير عن حالات التصارع في النفس " ( ص : 200 )، هذه البحور هي( الطويل، والوافر، والكامل ). وعمد أيضا إلى استعمال القوافي الصعبة على حد قول الصاحب ابن عباد.
إن ما اعتبره عبده بدوي، وكغيره ممن درسوا شعر المتنبي من قبل، ما اعتبره خطأ( من تكرار، وتقطيع، وغموض/ وبشكل عام الضرورة الشعرية )، إنما هي أمور استدعتها جمالية وفنية النص الأدبي، واقتضاها السياق، وبالتالي فلا حديث عن الخطأ داخل العمل الأدبي. ويبقى تصور عبده بدوي تصورا نسبيا.

طبيعة الشعر عند حازم القرطاجني
                                                         نوال الإبراهيم
إن كتاب حازم " منهاج البلغاء وسراج الأدباء "، يعد في نظر الكاتبة أكمل محاولة لتأصيل الشعر وتنظيره في التراث. فهو قمة النضج النقدي عند العرب.
وقد أدرجت الكاتبة منجز حازم ضمن " نظرية المحاكاة " التي سادت الفكر النقدي في العصور القديمة و الوسيطة.
ثم حاولت أن تبين أصول وامتدادات هذه النظرية. لتنتهي إلى أن نضج حازم يرتبط بتقديم مفهوم متكامل للشعر. أو كما يسميه " علم الشعر المطلق ". والمقصود بالمطلق، مطلق الزمان والمكان. إنه يتحدث بشكل أساس عن الشعر الغنائي ويحاول أن يصوغ له علما متكاملا بربطه بالعالم من جهة، والشاعر من جهة ثانية، والمتلقي من ناحية، والشعر من ناحية رابعة.
وفي حديثه عن حد الشعر يستخدم مجموعة من المصطلحات، من قبيل : المحاكاة، والتخييل، والمخيلة.
إن المقومات الأربع التي ذكرت الكاتبة ( العالم، والشاعر، والمتلقي، والشعر )، هي ذاتها مكونات السياق. إلا أن الكاتبة اكتفت فقط بسرد المعطيات دون ما عناية بالمستوى التطبيقي، وهو ما ينقص كل المحاولات التي تتصدى لدراسة النص الأدبي. 
  
أهم المفارقات بين المنظورين البلاغي والأسلوبي
                                                   المساوي
  •               البلاغة علم معياري ، بينما الأسلوبية تنفي عن نفسها كل معيارية، وتعزف عن إرسال الأحكام التقييمية.
  •               البلاغة تحكم وفق معطيات سابقة، وتصنيفات جاهزة، بينما تتحدد الأسلوبية بقيود منهج العلوم الوصفية.
  •               في نظر الأسلوبيين أن كل نص يولد شروط خرقه، التي قد لاتنطبق على نص آخر.
  •               البلاغة تهدف إلى خلق الإبداع بوصاياها التقييمية، والأسلوبية تسعى إلى تعليل الظاهرة الإبداعية بعد أن يتقرر وجودها.
  •               البلاغة فصلت بين الشكل والمضمون في الخطاب اللساني، والأسلوبية ترفض الفصل بين الدال والمدلول؛ إذ لاوجود لأحدهما دون الآخر.
  •               البلاغة تهتم باللغة، والأسلوبية تعنى بالكلام.
  •               التفكير البلاغي القديم يعنى بماهية الأشياء ( الماهية سابقة على الوجود )، ويتسم التفكير الأسلوبي بالتصور الوجودي ( الوجود سابق المهية ).
  •               البلاغة تهتم بالبنية اللغوية في العمل، وتتعدى الأسلوبية ذلك إلى ربط العمل بالسياق.