الاثنين، 18 يوليو 2011


النص والخطاب بين البلاغتين : القديمة والحديثة

حميد المساوي
مقدمة:

إن الحديث عن النص والخطاب، لازالت تتخلله مجموعة من الشوائب والإكراهات، التي قد يكون السبب فيها تعدد المجالات المعرفية التي عرضت للموضوع، من لسانية، وتداولية، وبلاغية، ومنطقية، وفلسفية، واجتماعية، ونفسية بل وتعدد وجهات وزوايا النظر لهذين المفهومين.
والحديث عن النص والخطاب ضمنيا هو الحديث عن البلاغتين، القديمة والحديثة، وعن أوجه الائتلاف والاختلاف بينهما، ومجال اشتغال كل واحدة على حدة. ما يدفعنا لطرح مجموعة من الإشكالات، قد تكون  الإجابة عنها دليلا لإزالة العتمات التي تتخلل الموضوع، وهي:
- ما الفرق بين البلاغتين؟ هل يتحقق بفعل الزمن؟ أم أنه فرق ذو طبيعية منهجية وصورية؟
- هل ما أنجز قديما يصلح للدراسة الحديثة؟
- هل النص المدروس ذو بعد جمالي؟ أم أنه يمتد ويشمل نصوصا أخرى؟
- ما الفرق بين النص والخطاب ؟ وما هي حدود التقارب والتمايز بينهما؟
كل هذا سنأتي عليه بعد أن نحدد الإطار المفاهيمي للنص والخطاب.

 I- الإطار المفاهيمي للنص والخطاب:

1- النص:
وردت هذه الكلمة في المعاجم العربية بمعان مختلفة أهمها ما قاله ابن منظور في لسانه، والفيروزبادي في قاموسه المحيط: "(نص) الحديث إليه: رفعه (...) ومنه فلان ينص أنفه غضبا. وهو نصاص الأنف. والمتاع: جعل بعضه فوق بعض، وفلانا: استقصى مسألته عن الشيء (...) والشيء: أظهره. والشواء ينص نصيصا: صوت على النار (...)".
والنص: الإسناد إلى الرئيس الأكبر، والتوقيف والتعيين على شيء ما، وسيرٌ نصٌّ ونصيصٌ: جد رفيع . وإذا بلغ النساء نصَّ الحِقَاقِ، أو الحقائق، فالعصبة أولى: أي بلغن الغاية التي عقلنا فيها، أو قدرن فيها على الحقاق وهو الخصام، أو حوقَ فِيهِنَّ فقال كلٌّ من الأولياء: أنا أحق، أو استعارة من حقاق الإبل: أي انتهى صغرهن، ونَصِيصُ القوم: عددهم، والنَّصَّةُ: العصفورة. وبالضم: الخصلة من الشَّعَرِ أو الشَّعَرِ الذي يقع على وجهها من مقدم رأسها. ونَصَّصَ غريمه، ونَاصَّهُ: استقصى عليه وناقشه. وانتص: انقبض. وانتصب وارتفع"[1]
فالنص بمفهومه اللغوي يدل على الارتفاع، والتتابع، والتنصيص، والكمال – وبمفهوم آخر، النص تتابع لمجموعة من الجمل ترتفع عند نقطة محددة يكتمل فيها النص وتتحقق فائدته.
والنص بمفهومه الاصطلاحي تتولد عنه مجموعة من التعريفات، كل بحسب نوع الدراسة التي اهتمت بهذا النص، منذ القديم، وإلى حدود الساعة، قد يكون الجامع، بينها أن النص وحدة لغوية. وكما يقول الأستاذ يوسف الإدريسي "يستحيل الحديث عن النص في غياب اللغة"، وبالفعل فاللغة عامل مشترك في جميع المجالات، هذا الجانب اللغوي الذي جعل من بارت ينظر إلى اللسانيات كعلم أعم يمكن أن يندرج ضمنه علم السيميائيات، عكس ما ادعاه أستاذه (سوسير) من قبل.
أقرب من هذا، النص عبارة أو مجموعة من العبارات تحكمها قوانين الاتساق الداخلي (الصوتية، والتركيبية، والدلالية الصرف).
وسنأتي على هذه الأمور مطولا عند الحديث عن النص في البلاغتين، القديمة والحديثة.

2- الخطاب:
"(...) الخطاب والمخاطبة، مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبة" وخطابا، وهما يتخاطبان (...)، قال بعض المفسرين في قوله تعالى: وفصل الخطاب؛ قال: هو أن يحكم بالبينة أو اليمين، وقيل: معناه أن يفصل بين الحق والباطل، ويميز بين الحكم وضده، وقيل: فصل الخطاب أما بعد، وداود عليه السلام، أول من قال: أما بعد؛ وقيل فصل الخطاب الفقه في القضاء..."[2].
وفي القاموس المحيط: "خ.ط.ب: (الخطب) الشأن. والأمر صغر أو عظم ج خطوب (...)، والخطاب – كشداد: المتصرف في الخطبة، واختطبوه: دعوه إلى تزويج صاحبتهم. وخطب على المنبر خطابه بالفتح، وخطبة بالضم، وذلك الكلام خطبة أيضا، أو هي الكلام المنثور المسجع ونحوه، ورجل خطيب: حسن الخطبة بالضم..."[3].
الواضح من هذا أن الخطاب هو تبادل الكلام بين شخصين، وهو حبل الوصل بين الخطيب والمخاطبين.
وفي الاصطلاح تدل كلمة خطاب على "... أجزاء من اللغة أكبر من الجملة يتلفظ بها المتكلم خلال عملية التواصل أو التفاهم مع غيره كما نرى في المحادثات والأحاديث الصحفية والنصوص"[4].
ويرى المتوكل أن المصطلح لم يحظ إلى حدود الآن بتعريف قار، ذلك أن الحدود بين الخطاب والنص متقاربة جدا لدرجة يصير معها المصطلحان مترادفين. ومع هذا يمكن القول إن الخطاب إنتاج لغوي يربط بنية النص الداخلية بظروفه المقامية بالمعنى الواسع[5].

ΙΙ- النص والخطاب في التراث البلاغي:

1- النص:
كان لقدوم الإسلام دور مهم في توجيه الكتاب، بحكم ارتباطهم بالنص الديني، وخطب الرسول صلى الله عليه وسلم، فنادرا ما نجد نصا خاليا من البسملة والحمدلة، والتصلية على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى ذلك، كانت النصوص تدبج بعناصر أخرى كالتشهد والدعاء... وتعقبها عبارة "أما بعد"، (فصل الخطاب)، فاصلة بين الدعاء واستهلال الخطاب، ومهيئة المتلقي نفسيا وفكريا لتلقي الخطاب.
وتتنوع استهلالات الكتب وتختلف بحسب مضامينها وموادها العلمية، فإن كان الكتاب في البلاغة استهله صاحبه بالثناء على البيان (البيان والتبيين – الجاحظ)، وإن كان في الإعجاز استفتحه بحمد الله على إقامة البرهان بكتابه (إعجاز القرآن – الباقلاني)، وإن كان في النقد صدره بحديث عما يميز جيد الشعر من رديئه (قدامة بن جعفر)...[6]
وقد اهتم العلامة  الشيخ عباس ارحيلة بهذه المسائل بشكل واف وكاف في الفصل الثالث من كتابه "مقدمة الكتاب في التراث الإسلامي وهاجس الإبداع".
وغير هذا، فقد اهتم الكتاب بما أطلق عليه "عتبات النص" ومن ضمنها: اسم المؤلف، والعنوان، والأيقونة، ودار النشر، والإهداء، والمقتبسة والمقدمة... التي على الرغم من تباعدها الظاهري عن فحوى النص، من حيث التركيب والأسلوب، إلا أنها تتفاعل معه دلاليا وإيحائيا. ما بإمكانه أن يولد خطابا  شاملا يجمع بين النص والعالم[7].
كل هذه المصطلحات توظف لتعيين وإبراز الخطاب المقدماتي وتقريب المتلقي من دواعي التأليف والضوابط المنهجية المتحكمة في ذلك.
وقد حدد الدكتور يوسف الإدريسي – في كتابه المذكور- مميزات النص في ثلاثة مكونات رئيسية، وهي: اسم المؤلف، والعنوان، ثم الخطاب الواصف لمقصود الكتاب.
أما اسم المؤلف، فهو أحد المحددات التي تلازم النص وتتعلق به أيما تعلق، بل  تميزه عن "اللانص"، ولذلك  فالنص خطاب صادر عن شخص معترف به وبقيمته المعرفية، وليس هذا فحسب، بل يملك "سلط رمزية" تجعل منه صاحب ذلك النص بعينه ، والقادر على إنتاج نصوص أخرى، ودون ذلك لا يمكن الحديث إلا على "اللانص".
والاهتمام بهذه المسألة لم يكن وليد الإسلام، وإنما يمتد إلى الفترة الجاهلية، ومن أبرز تجلياتها "الإسناد في رواية الأشعار والأخبار الجاهلية"، وأول من عرف بذلك من الرواة الأصمعي، وأبي عمرو بن العلاء، وتزداد أهمية الأسانيد، وإلحاق النصوص بأهلها مع المفسرين ورواة الأحاديث النبوية الشريفة، وغيرها من العلوم العربية الأصيلة، وذلك لتلخيص النصوص من الوضع، والتحريف، والنحل، وكسب المتلقي الثقة فيما يقرأه، ونسبة الشيء إلى غيره جريمة، قد ينجم عنها ما لا تحمد عقباه، وممن اشتهر بذلك من الشعراء حماد الراوية، وخلف الأحمر، فقد كانا ينسبان شعر هذا، لذاك، وشعر ذاك للآخر. ولعله السبب الذي جعل كثيرا من النقاد المتأخرين يشكون في صحة نسبة الأشعار لأهلها[8].  
وقد كان اهتمام القدماء بتحديد اسم المؤلف لعوامل، أهمها التعصب للقديم والحفاظ على صفاء اللغة، وممن اشتهروا بتعصيبهم للقديم، أبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ) "لقد كثر هذا المحدث وحسن حتى لقد هممت أن آمر فتياتنا بروايته" وابن الأعرابي وموقفه من بيت أبي تمام:
وعاذل عذلته في عذله


فظن أني جاهل من جهله

فأمر بكتابة الأرجوزة، فلما علم أنها لأبي تمام قال "خرقوه"، وقوله في شعر أبي نواس وأمثاله: "إنما أشعار هؤلاء المحدثين مثل أبي نواس وغيره مثل الريحان يشم يوما ويذوي فيرمى به، وأشعار القدماء مثل المسك والعنبر كلما حركته ازداد طيبا"، وقوله عن شعر أبي تمام: "إن كان هذا شعرا فكلام العرب باطل..."[9].
لكن سرعان ما ستتغير هذه النظرة مع تغير الزمن، فهذا ابن قتيبة (ت 276هـ)، وهو أول ناقد بحق تعرض للمسألة، وعالجها وفق منهج نقدي عادل، يقول: "... لم أسلك فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختارا له سبيل من قلد أو استحسن باستحسان غيره، ولا نظرت إلى المتقدم منهم بعين الجلالة لتقدمه وإلى المتأخر منهم بعين الاحتقار لتأخره، بل نظرت بعين العدل على الفريقين وأعطيت كل حظه ووفرت عليه حقه، فإني رأيت في علمائنا من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله ويضعه في متخيره، ويرذل الشعر الرصين، ولا عيب له عنده إلا أنه قيل في زمانه، أو أنه رأى قائله..."[10].
إن النص يعكس بجلاء مذهب بن قتيبة النقدي، فقد كان بن قتيبة عادلا منصفا في التمييز بين هذا الشاعر وذاك، وهذا الشعر وذاك، ف "المحك عنده جودة الشعر بغض النظر عن الأقدمية والحداثة أو تقدم قائله أو تأخره"[11]. فهو لم يتعصب لقديم لقدمه، ولا لحديث لحداثته، كما فعل سابقوه.
أما العنوان، فقد حظي في التراث العربي بعناية خاصة، كونه مفتاح الكتاب ونافذته التي يطل منها على عالم النص، فالعنوان هو النص الموازي. والعنوان لا يدرك في علاقة بالنص والقارئ فحسب، وإنما في ارتباطه بالشروط التي أنتجت ذلك النص.
وكل عنوان حمال دلالتين، دلالة قصدية تخص فحوى الكتاب، ودلالة إرسالية تخص طرفا الاتصال.
وقد كان العرب القدامى، والبلاغيين منهم على وجه الخصوص واعين بالمسألة أشد الوعي، فعندما يسمي الثعالبي كتابه "بيتيمة الدهر" وابن الأثير بـ "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، وابن هشام بـ "المغني" والسيوطي بـ "المزهر" والسكاكي بـ "مفتاح العلوم" وحازم بـ "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" وغيرهم الكثير.
 فهؤلاء كلهم كانت رغبتهم هي شد المتلقي أو القارئ إليهم، وإرغامه بصورة من الصور على قراءة الكتاب.
حتى أن هناك من عنون كتابه بأبيات شعرية، ومن أولئك أبو نواس (ت 198هـ):
هذا كتاب بدمع عيني
إلى حبيب كنيت عنه


أملاه قلبي على لساني
أجل ذكر اسمه لساني[12]

وإنه لعجيب أن يعنون شخص كتابه بأبيات شعرية، فيكون ذلك منه لتهييئ القارئ نفسيا للقراءة.
فيما يخص الخطاب الواصف أو المقدمة، فقد حظيت هي الأخرى بأهمية بالغة "... ذلك لأنها تعتبر المدخل الرئيس والطبيعي إلى أغوار النص، فضلا عن كونها تمثل كلا جامعا لعناصر وجزئيات عديدة كالاستفتاح واسم المؤلف والعنوان وغير ذلك. بيد أن القيمة الأساس للمقدمة في أدبيات "التصدير" في التراث العربي لا تنحصر في هذين الاعتبارين، بل تهم – بالدرجة الأولى – المجال الدلالي للنص، ومستويي إنتاجه وتلقيه"[13].
فالمقدمة خطاب واصف لمتن الكتاب، ودواعي التأليف، والمنهجية المتبعة، والمشاق التي قطعها المؤلف طيلة فترة التأليف. كل ذلك لإقناع القارئ بأهمية الكتاب، وتهييئه نفسيا وذهنيا.

2- الخطاب:
إن اهتمام البلاغيين العرب القدماء بالخطاب، كانت تحكمه مجموعة من العوامل أهمها تلك التي تعلقت بالدين الإسلامي، نظرا للدور الذي تلعبه بلاغة الخطاب في التأثير في الآخر، ولهذا كان الخطاب، خطابا اقتناعيا بالأساس، خطاب قائم على الوعظ والإرشاد. ذلك كله مع مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فكان أول من راع ذلك بحق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتباته ومراسلاته لملوك وأباطرة عصره. فسار المسلمون من بعده على نفس النهج.
والخطاب في التراث العربي الإسلامي حمال أوجه، فهناك خطاب ديني يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أصناف بحسب المتلقي، وحسب الرسالة الموجهة إليه. فإما أن يكون المتلقي خالي الذهن يتقبل المعرفة الملقاة إليه، وهذه الحالة تقتضي خطابا تعليميا، وإما أن يكون غافلا عما ينتظره متناسيا لما تعلمه ويكون الخطاب خطابا وعظيا، وإما أن يكون مخالفا جاحدا لوجهة نظر المرسل، والحالة هنا تقتضي خطابا حجاجيا[14].  

أ- الخطاب التعليمي:
وهو الذي يكون فيه المرسل والمتلقي في حالة عطاء وتقبل، فإن تحقق ذلك كان الخطاب ابتدائيا، وهو أظهر في الرسائل منه في الخطب، وهو خطاب إنشائي بالدرجة الأولى، أي أنه يراعي الجانب الجمالي، ويكون اهتمام المرسل فيه منصبا على إحصاء الأوامر والنواهي، لا الجدل.
ومن ذلك وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأسامة وجيشه: "أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر، فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا، ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة، ولا تقعروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة"[15].
وقد صح عن الترمذي وأحمد، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف".
وقد يقترب الخطاب التعليمي أحيانا من الخطاب الوعظي، كما هو الحال في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حيث "... تتكرر هذه اللازمة "ألا هل بلغت اللهم اشهد" في نهاية كل فقرة متجاوبة مع النداء والتوكيد "أيها الناس إن..." في أول الفقرات"[16].
ونظرا لدور هذا الخطاب الفعال في التعريف بالإسلام والحث على التمسك به، قرن بمنابر في المسجد، منذ الصدر الأول، إلى حدود الساعة، وربما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ب- الخطاب الوعظي:
في هذا الخطاب يكون المتلقي غافلا ومقصرا فيما يجب عليه.
وقد ازدادت العناية بهذا النوع من الخطاب في العصر الأموي خلافا لما كان عليه الأمر في صدر الإسلام، آية ذلك أن الواعظ أو المرسل أصبح يحس بإفلات المستمع أو المتلقي من قبضته، وذلك بفعل الصراعات الاجتماعية والسياسية التي أصبح يعيشها المجتمع. "لذلك قام الوعظ في أول الأمر على المزاوجة بين الوعد والوعيد كما هو الشأن في بعض مواعظ علي بن أبي طالب الذي يذكر بعذاب الآخرة حتى إذا رأى تغير أحوال مستمعيه وخوفهم ذكرهم بالنعيم..."[17].
لكن سرعان ما تغير هذا الأمر بفعل توسع الإمبراطورية الإسلامية وميل الناس إلى الحياة وشؤونها. فأصبحت العلاقة بين المرسل والمتلقي متوترة أشد التوتر. وقد كان للصراع بين الشيعة (أنصار علي بن أبي طالب) والخوارج (الخارجين عن علي بن أبي طالب) دور كبير في هذه المسألة.
وأصبح المعنى الملح على الخطباء، هو زوال الدنيا وخداعها، وبقاء الآخرة وضرورة التزود منها.
فمن خطب سحبان وائل (وهو أخطب العرب بشهادة معاوية): "إن الدنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيها الناس: فخذوا من دار ممركم لدار مقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها حييتم، ولغيرها خلقتم".
إن الرجل إذا هلك، قال الناس: ما ترك؟ وقال الملائكة: ما قدم؟ قدموا بعضا يكن لكم، ولا تخلفوا كلا يكن عليكم"[18].
ج- الخطاب الحجاجي:
إن المخاطب في هذه الحال موضوع موضع المنكر الجاحد، حسب تصنيف البلاغة العربية لمن يلقى إليهم الخبر، فاقتضى الأمر أن يعتمد على الحجج والبراهين العقلية والنقلية بحسب نوع الثقافة والإيديولوجية التي تحكم المخاطب، وقد يستدعي الأمر أحيانا التعسف والاحتيال.
ومن ذلك "مناظرة عقدها هشام ابن عبد الملك، لغرض في نفسه، بين الأوزاعي العامل السني (157هـ) وبين غيلان الدمشقي الذي يعتبر من أوائل المتكلمين في قضية القدر، وقد بدأها الأوزاعي بقوله:
"أسألك عن خمس أو عن ثلاث؟
- فقال الأوزاعي: هل علمت أن الله أعان على ما حرم؟
- قال غيلان: ما علمت، وعظمت عنده.
- قال: فهل علمت أن الله قضى على ما نهى؟
- قال غيلان: هذه أعظم، ما لي بهذا من علم.
- قال: فهل علمت أن الله حال دون ما أمر؟
- قال غيلان: حال دون ما أمر؟ ما علمت.
- قال الأوزاعي: هذا  مرتاب من أهل الزيغ!
فأمر هشام بقطع يده ورجله".
وكان جواب الأوزاعي عن هذه الألغاز المغرضة:
"نعم قضى على ما نهى عنه: نهى، آدم عن أكل الشجرة، وقضى عليه بأكلها وحال دون ما أمر: أمر إبليس بالسجود لآدم، وحال بينه وبين ذلك، وأعان على ما حرم، حرم الميتة، وأعان المضطر على أكلها"[19].
فالمناظرة هنا استهدفت الإيقاع والإدانة.
وقد يلجأ المتناظران إلى بتر الشاهد أو تحريفه، فضلا عن فتح مجال التأويلات البعيدة ما قد يثير حفيظة الطرف الآخر.
فهذا عمر بن عبد العزيز بلغه أن غيلانا وفلانا نطقا في القدر فأرسل إليهما. قال: ما الأمر الذي تنطقان به؟[20]
فقال: هو ما قال الله، يا أمير المؤمنين.
قالا: ما قال الله؟
قالا: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر، لم يكن شيئا مذكورا" ثم قالا: "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا"، ثم سكتا.
فقال عمر: اقرآ، فقرآ حتى بلغا: "إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا، وما تشاءون إلا أن يشاء الله" إلى آخر السورة.
فقال: كيف تريان يا ابني الأتانة! تأخذان الفروع وتدعان الأصول.
ما سبق يفيد أن العلاقة بين المتناظرين في الخطاب الديني لم تكن بين الأنداد، بل كان أحد طرفيها مدعما في غالب الأحيان باعتبارات سياسية، سواء كان المتناظر رجل سلطة أو من الموالين لها[21].
وهناك خطاب سياسي:
وهذا النوع من الخطاب شديد السلطة بشؤون السياسة، ويتمثل في خطب الصلح، وخطب الصراع حول الخلافة والحكم داخل المجتمع الإسلامي.
وقد برزت معالمه الأولى بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم اشتد الوطيس بين الفرقاء في سقيفة بني ساعدة يحتج كل واحد منهم بأسبقيته في الخلافة، واستئنفت المسألة بعد مقتل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وعثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وتكون الأحزاب السياسية، عندها أصبحت معالم هذا الخطاب واضحة.
ويمكن تصنيف هذا الخطاب بحسب العلاقة بين المتحاورين إلى صنفين كبيرين:
أ- الحوار بين الأنداد: 
"دار هذا الحوار حول قضية الخلافة وشؤونها، واعتمد النصح والمشاورات والمناظرات، ولم يكن هذا الصنف من الخطاب غريبا  عن العرب  في حياتهم الجاهلية سواء في شؤون الحرب أو الرئاسة، وكانت لقريش دار للمشاورات في حالتي السلم والحرب يتحدث فيها الخطباء مدافعين عن وجهات نظرهم، ولذلك كان عاديا أن يعودوا إلى هذا التقليد بعد موت الرسول. غير أن الأمور ستأخذ مسارا آخر لاختلاف تركيبة المجتمع الإسلامي الجديد عن نظام القبيلة"[22].
والمناسبة الأولى جمعت بين أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)، وبين ممثل المهاجرين، وممثل الأنصار. فكان الحكم في نهاية المطاف إلى الأنصار لكثرة عدتهم وعددهم.
والمناسبة الثانية كانت بعد مقتل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وكان الخطاب فيها من الند للند فانتهت المشورات فيها بترشيح عثمان بن عفان (رضي الله عنه) كخليفة بعد عمر بن الخطاب.
وبعد قتل عثمان طال السرى، وركبت أعجاز الإبل، واشتد الحوار بين بني هاشم وبني أمية فتحولت الخطابة من المشاورة إلى المفاخرة.
وبعد أن تولى بنو أمية الحكم  تحول مجرى الخطاب، وأصبحت المخاطبات الاستشارية تتم داخل الأحزاب والجماعات المنسجمة[23].
وفي جميع الأحوال، فالخطاب في هذه المرحلة ذو وجهين، خطاب يستند إلى المنطق والحجة بعيدا عن التهديد والمدح والهجاء، وآخر بين الأنداد قائم على المفاخرة والمدح والدم، والخطاب بنوعيه بعيد عن الزخر والتنميق.
ب- الحوار بين الراعي والرعية:
هذا النوع من الحوار يكون في الغالب بين راع متمسك بموقفه وكلمته العليا، وبين رعية تنازعه هذا الحق، ما يفرض على الراعي أن يلين خطابه، ويقبل النصف في نفسه، ويخاطب نازعيه مخاطبة الند للند، وهي التجربة التي عاناها عثمان مع الثوار وعلي مع طائفة من جنوده اتهموه بسوء التدبير. كما عانى علي من علاقة أخرى مع جنده قبل معركة صفين التي جمعته بمعاوية، وقد كانت له في ذلك خطبة مشهورة. وإذا كان حواره الأول تطلب الحجة والإقناع فإن الثاني تطلب التحميس وتحريك الهمم والإثارة العاطفية[24].
وقد شهدت المرحلة ذاتها خطبا قائمة على الاتهام والتهديد والوعيد، كخطب الحجاج بن يوسف الثقفي "إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحي تترقرق"[25].
ثم خطاب اجتماعي، يمكن تصنيفه بحسب كثرة موضوعاته إلى صنفين، صنف يخص موضوعات اجتماعية كالعلاقة بين الناس، وتنظيم المجتمع والقضاء بين الخصوم، وهي في أغلبها ذات طبيعية موضوعية. وصنف ذو طبيعة وجدانية هدفه المشاركة والإشراك في المسرات والأحزان كالتعزية والتهنئة ووصف المشاهد والبلاد[26].
كل هذا بالاستناد إلى الأشعار والأحاديث، وآي القرآن في الإقناع. ولم يقف الوضع عند هذا الحد، في الوقت الذي "انتبه فيه دارسو النص القرآني والبلاغيون العرب بالممارسة والمثاقفة، إلى أهمية المثل في إحداث الإقناع. جاء في البرهان في وجوه البيان لأبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن وهب "وأما الأمثال فإن الحكماء والعلماء والأدباء لم يزالوا يضربون ويبينون للناس تصرف الأحوال بالنظائر والأشكال، ويرون هذا النوع من القول أنجع مطلبا، وأقرب مذهبا، ولذلك قال الله عز وجل: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" (الروم: 98)، "وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال" (إبراهيم: 45) (...) وكذلك جعلت القدماء أكثر آدابها وما دونته من علومها بالأمثال والقصص عن الأمم. ونطقت ببعضه على ألسن الطير والوحش، وإنما أرادوا بذلك أن يجعلوا الأخبار مقرونة بذكر عواقبها، والمقدمات مضمومة إلى نتائجها"[27].
والواقع أن المثل أهم دعائم الخطاب الإقناعي والتأثيري، وإذا أخذ بمعناه الواسع المتمثل في التشبيه والاستعارة صار أهم دعائم بلاغة الإقناع.
عموما، فاهتمام البلاغيين العرب القدماء بالخطاب، كان اهتماما لغويا بالأساس. فالبلاغة في عصرها كانت تجيب عن سؤال محدد أساسا بقواعد تسمى بـ "عمود الشعر"، دون تجاوز لقواعد أخرى أخلاقية، وجمالية، وسياسية.
وعندما نقول أن الاهتمام كان لغويا بالأساس، فذلك لأن أغلب مؤرخي علوم البلاغة يقفون عند كون البلاغة نتجت مع "إعجاز القرآن"، وقد وضح هذا مصطفى صادق الرافعي بعنوان "إعجاز  القرآن والبلاغة العربية".
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف نظر البلاغيون المحدثون إلى النص والخطاب؟

III- النص والخطاب في البلاغة الحديثة:

1- النص:
لقد اختلف المحدثون في تحديدهم لطبيعة النص: ومرد ذلك لاختلاف وجهاتهم، ومنابع تفكيرهم، من لسانيات، وأسلوبيات، وسيميائيات، ووظيفيات...
فإذا كان اللسانيون يرون أن "... النص عالما مستقلا لا يحتاج في تحليله إلى عناصر خارجية – فهو يمثل شبكة من العلاقات بين مختلف مستوياتها – ولعل الشكلانيين الروس هم رواد هذه الرؤية فنجد تينيانوف (Tynianov) يؤكد سنة 1927 أن: "الوظيفة البنائية لعنصر من الأثر الأدبي كنظام هو إمكانية دخوله في علاقة متبادلة مع عناصر أخرى لنفس النظام وبالتالي مع النظام بأكمله" ووضحت هذه الرؤية مع البنيويين "فالمنهج البنائي في صميمه يعتبر تحليليا وشموليا في نفس الوقت ويرفض معالجة العناصر  على أنها وحدات مستقلة"[28].
وهم بذلك يركزون على الجانب اللغوي في النص، بناء عل توجيهات (سوسير).
وإذا كان الأسلوبيون (وعلى رأسهم شارل بالي) يرون أن الأسلوب هو النص، يقول فينوقرادوف (Vinogradov) "... في بحثه عن "أهداف الأسلوبية"[29] سنة 1922 يعرج على أن الأسلوب يتحدد بالعالم الأصغر للأدب ويعني به النص وهذا العالم الأصغر يحدده "جهاز الروابط القائمة  بين العناصر اللغوية والمتفاعلة مع قوانين انتظامها"[30].
وهم بذلك يسعون إلى تنزيل عملهم منزلة المنهج الذي يمكن كل قارئ من إدراك انتظام خصائص الأسلوب الفنية، والوعي بما تحققه من غايات وظائفية. فـ "... معدن الأسلوبية حسب بالي ما يقوم في اللغة من وسائل تعبيرية  تبرز المفارقات العاطفية والإرادية والجمالية بل حتى  الاجتماعية  والنفسية، فهي إذن تنكشف أولا وبالذات في اللغة الشائعة التلقائية  قبل أن تبرز في الأثر الفني"[31].  
أما السيميائيات (أهم روادها رولان بارت)، أو علم العلامات La sémiologie، وهو العلم الذي يعنى بدراسة تآلف الظواهر التي تستند إلى نظام علامي إبلاغي في الحياة الاجتماعية كنظام الأزياء أو المآكل أو حتى نظام "الموضة" عامة (La mode).
غير أن لفظ العلامية قد عاد إلى عالم اللغة وبالتحديد إلى مناهج النقد الأدبي فتولدت علامية الأدب (Sémiotique littéraire) وهي تسعى إلى إقامة نظرية في نوعية الخطاب الإنشائي باعتباره حدثا علاميا، أي نظاما من العلامات الجمالية، وميزة العلامة الجمالية أنها قائمة بنفسها ليست فحسب وسيطا دلاليا"[32].
يتضح إذن أن اهتمام علماء السيميائيات بالنص، سينصب بالأساس على الجانب الدلالي في النص وعلاقته بالإبلاغ، من غير إقصاء للبعد الجمالي.
أما الوظيفيون، فقد اعتنوا بالنص وظيفيا، أي كل ما يكسب النص وظيفة جديدة في دلالتها أو إيحائها أو تأثيرها الإنشائي.
عموما، ففهم النص يستدعي الإحاطة بكل الدراسات  التي عالجته، ذلك أن كل دراسة نظرت إليه من زاوية معينة.
والقارئ قبل أن يطلع على عالم النص الداخلي، لابد له أن يمر بعتبات هي تلك التي أفرد لها الأستاذ يوسف الإدريسي فصلا خاصا من كتابه (عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر)، بـ "عتبات النص في التنظير الغربي".
ü أول هذه العتبات "اسم المؤلف":
في النقد الحديث لم يعد اسم المؤلف يحظى بتلك "القدسية" التي كان عليها من قبل، ذلك كله نتيجة تطور العلوم وآلية اشتغالها.
وبمقابل ذلك ازدادت العناية باللغة، كونها هي التي تتكلم، وليس المؤلف.
والجديد أيضا في الدراسة أن كل نص يحمل في طياته عددا هائلا من المعاني القابلة للتأويل والتجديد حسب تعدد القراء، واختلاف شروط تلقي النص وسياقاته التاريخية والمعرفية.
لذلك رأت هذه الدراسات بضرورة فصل النص عن صاحبه، وفسح المجال أمام القراء، فهم الوحيدون الذين لهم حق التأويل والتفسير.
أما مسألة الإسناد فلم تختلف جوهريا بين الاتجاهين القديم، والحديث، فالكاتب لا يستحق صفة الإسناد إلا بعد أن يؤلف العديد من النصوص، وبتعبير القدماء أن يصبح "حجة"[33].
مسألة أخرى هي تلك التي تتعلق "بتكرار اسم المؤلف وتنويع أماكن وضعه" وحسب جيرار جنيت فذلك "يروم الترويج للكتاب وفتح سبل التداول أمامه، خاصة إذا كان مؤلفه مشهورا". وفي نظر الأستاذ قد يكون هو نفسه الدافع الذي يجعل من بعض الكتاب والناشرين يضعون اسم المؤلف بخط أكثر وضوحا من العنوان[34].
ü ثاني هذه العتبات "العنوان":
العنوان هو وسيلة القارئ للكشف عن طبيعة النص، وفك مغالقه، ولذلك ازدادت عناية المحدثين به أكثر مما كان عليه الوضع من قبل.
والعنوان هو الخط الواصل بين القارئ والنص.
ولهذا كله استأثر العنوان بعناية اللساني والسيميوطيقي، وعالم النفس، وعالم الاجتماع، ومنظر الأدب والناقد[35].
ومع  التطور الذي مس الكتابة، أصبح العنوان يكتسي دلالة قوية، خاصة في مجال الصحافة والسينما، وحتى في الرواية الحديثة[36].
وفيما يخص نوع العنوان، فيتم التمييز فيه بين ثلاثة أنماط:
"أ- العنوان الذاتي Subjectal أو الموضوعاتي Thématique بلغة ج. جنيت، وهو العنوان الذي يعين موضوع النص ويحدده مثل: الإبحار في ذاكرة الوطن لحلمي الزواتي (...).
ب- العنوان الموضوعي: Objectal، وهو العنوان الذي يعلن انتماء النص إلى أحد أصناف القص مثل: حديث عيسى بن هشام لمحمد المويلحي (...).
ج- العنوان المختلط: وهو العنوان الذي يراوح بين الذاتي والموضوعي، ويتحقق ذلك في العنوان الفرعي لرواية حيدر حيدر: وليمة لأعشاب البحر – نشيد الموت؛ إذ يحيل إلى شكل أدبي هو النشيد، وإلى الموضوعة المهيمنة في النص وهي الموت"[37].
ü ثالث هذه العتبات "الأيقونة":
الأيقونة هي تلك الصورة الموجودة على صدر الغلاف، وغيابها لا ينقص من قيمة الكتاب شيئا، لكن وجودها يغني الكتاب، ليس بدافع الزخرفة أو التنميق، وإنما كونها تشكل حلقة وصل بين القارئ والمتن.
ولذلك فتوظيف الأيقونة لا يأتي هكذا عبثا، وإنما باستشارة أساتذة وفنانين مختصين في المجال. وهو الشيء نفسه الذي قام  به أستاذي الجليل يوسف الإدريسي في كتابه المذكور، عندما اختار الفنانة المبدعة نادية خيالي كمصممة للوحة الغلاف.
والاهتمام بالأيقونة لم يظهر إلا مؤخرا، بعد أن أصبحت الضرورة تفرض استعمال أساليب أكثر انتباها وجاذبية. 
وتتخذ الأيقونة أشكالا وتمظهرات متنوعة، فأحيانا توظف في صفحة الغلاف الأولى، وهو المتداول، وقد تشمل الصفحات الأربع الأولى، كرواية محمد برادة: "لعبة النسيان"...
وهناك نوع آخر يتجلى في "الكتابة الأيقونية للدليل اللغوي"، ومن ذلك رواية: "النهايات" لعبد الرحمان منيف. وهناك مستوى آخر من الأيقونات هي "تلك التي يعتمد فيها الكاتب إلى وضع صورة فوتوغرافية أو رسم تقريبي للشخصية التي يتناولها كتابه" كما هو الشأن عند عبد الجليل بن محمد الأزدي مع بيير بورديو، وعباس أرحيلة مع أحمد الطرابلسي[38].
وكل تغيير في الأيقونة ينجم عنه تغيير في الدلالات.
ü رابع هذه العتبات "المقتبسة":
هذا النوع من العتبات لم يظهر إلا في القرن السابع عشر الميلادي كما  أشار إلى ذلك جيرار جنيت، حيث إن "المقتبسة الأولى للمصنف، ستكون - في   فرنسا على الأقل – مقتبسة حكم الروشفوكولد، أو بالأحرى حكم التأملات الأخلاقية، طبعة 1678"[39].
والمقتبسة مجموعة توجيهات يوظفها الكاتب في الصفحات الأولى من كتابه. قصد معرفة روح العمل، وتوضيح القصد العام منه[40].
ونظرا لأهمية المقتبسات وقيمتها الجمالية والوظيفية فقد استأثرت بعناية العديد من الكتاب، فأصبحت "تستهل بها الكثير من النصوص الأدبية وغير الأدبية". وتختلف مواضع المقتبسات، فإما بجانب النص، وتحيدا بعد الإهداء ولكن قبل المقدمة "وهو مكانها الطبيعي بحسب ج. جنيت، وإما في صفحة العنوان وهي تقنية قديمة لم تعد تظهر حاليا.  "وإما في آخر النص"[41].
وبالنسبة إلى وظائف المقتبسة، فهي أربع: "التعليق على فكرة النص ومقصديته/ الاتحاد بمقصدية الخطاب والتلميح إليه/ الإشارة إلى شخص المؤلف/ الأثر"[42].
ü خامس هذه العتبات المقدمة:
المقدمة هي كل خطاب استهلالي، غايته تمهيد القارئ نفسيا، وإشعاره بأهمية الموضوع.
"وبالمقارنة بين مقدمات المؤلفات القديمة والحديثة يلاحظ أن المقدمة قديما لا تثير إشكالات كبيرة لكونها كانت توضع في السطور. الأخيرة، كما أن زمن كتابتها يماثل زمن كتابة النص نفسه ونشره بين الناس، وشكلها هو شكل النص نفسه، ويحدد مرسلها في الكتاب الحقيقي أو المفترض، ومستقبلها هو مستقبل النص، أما المقدمات الحديثة فتتميز بخمس سمات:
1- الشكل: ليس النثر هو الصيغة الوحيدة والضرورية لكتابة المقدمة (...).
2- المكان: ليس هناك مكان قار مخصوص بالمقدمة تلزمه ولا تغادره (تتغير حسب الزمن والطبيعات) (...).
3- اللحظة: تابع ج. جنيت لحظات كتابة المقدمة فوجدها غير قابلة للعد والحصر، واعتبر أن أهمها وأبرزها يتحدد في ثلاث أسس:
- اللحظة الأولى: تمتد من لحظة انتهاء الكاتب من كتابة نصه إلى طبعه، وتنطبق أساسا على الطبعة الأولى الأصلية.
- اللحظة الثانية: تهم الطبعة الثانية للكتاب (...).
- اللحظة الثالثة: تخص "المقدمة المتأخرة" (...).
4- المرسل: من الصعب تحديد المرسل في المقدمة، لأن أنواع المقدمين تختلف وتتعدد حسب طبعات النص الواحد...
5- المستقبل: من السهل جدا تحديد مستقبل المقدمة مقارنة بمرسلها، لأنه يكون عادة – وبالضرورة – هو قارئ النص (...)[43]
يتضح مما سبق أن الوعي بأهمية العتبات قد ازداد في السنوات الأخيرة، لدورها في إضفاء جمالية على النص، وتقريب القارئ أكثر فأكثر من فحوى النص. 

2- مراحل إنتاج النص:

النص: "وحدة لغوية دلالية تنتج عن مجموعة من الجمل تترابط فيما بينما من خلال وسائل الخطاب، النحوية والدلالية والمنطقية وطبقا لهاليداي ورقية حسن (1976) فالنصية تتكون من علاقات بنيوية وغير بنيوية تشكل النص"[44].
يتضح من خلال النص أن النص كوحدة لغوية دلالية "تحكمه مجموعة من الوسائل الداخلية، والخارجية تتمثل الأولى في البناء التركيبي والدلالي والمنطقي للنص. وتتمثل الثانية في العوامل الاجتماعية والسياسية والنفسية... التي لها علاقة بإنتاج النص. هذا الإنتاج الذي يمر بعدة مراحل أهمها:
1- مرحلة التخطيط والقصد: أي متابعة هدف ما من النص كنشر المعرفة أو الاتصال الاجتماعي...
2- مرحلة اختيار شكل النص: فاختيار الشكل هو عامل أساسي في تحديد مصير الهدف.
3- مرحلة التصوير: هذه المرحلة قد تتدخل مع سابقها في تحديد الأفكار المرتبطة بالهدف والتي من شأنها أن تقنع الآخرين.
4- مرحلة التطوير: في هذه المرحلة يحضر السبك، والسبك (الربط اللفظي) مظهر من مظاهر عملية إنتاج النص الكبرى التي تشتمل على عناصر أخرى سياقية.
وقد أكد دي بوجراند أن السبك يتعلق بالكلمات الفعلية التي نسمعها أو نراها[45].
5- مرحلة استقبال النص: هذه المرحلة تتم بشكل معاكس. "أي البدء بآخر مرحلة – التعبير – وصولا للمرحلة الأولى. والمخاطب عندما يتلقى نصا ما يستدعي له بنيتين: (داخلية) تعتمد على الوسائل اللغوية التي تربط أواصر مقطع ما بغيره، (وخارجية)، تكمن في مراعاة المقام المحيط بالنص، ومن ثم فلا فصل بينهما عند المتلقي"[46].

الخطاب
إن ما يعانيه الباحث اليوم من صعوبات في تحديد مفهوم قار للخطاب، ناتج عن تعدد الدراسات المهتمة بهذا الخطاب، وإن كانت معظم هذه الدراسات قد تأثرت بعلم عام هو اللسانيات.
ومع ذلك يمكن القول إن الخطاب نتاج لغوي تحكمه مجموعة من القوانين الداخلية والخارجية، بموجبها تتحقق وظيفة هذا الخطاب التواصلية.
والخطاب قد يكون مفردة، أو مركبا اسميا، أو جملة، أو نصا، أو مجموعة من النصوص المترابطة فيما بينها.
ولهذا السبب يمكن أن نقف عند مجموعة من الخطابات:
1- خطاب مقدماتي: وهو الذي يستعمله المخاطب في أول كلامه سواء كان هذا الكلام منطوقا أو مكتوبا، ومن ذلك مجموع العتبات وهي: (اسم المؤلف/العنوان/ الأيقونة/ المقتبسة/ المقدمة...).
والغاية من هذا الخطاب هي تمهيد المتلقي لما سيقبل على سماعه أو قراءته.
2- خطاب سياسي: وهو الخطاب المرتبط بالدولة وشؤونها، وذلك قصد استتباب الأمن في البلاد، وأحيانا تحريض المخاطبين للإشراك في بناء الدولة. وهو الحال الذي نجده في الخطب الملكية. و هذا النوع من الخطاب ليس بحديث.
3- خطاب ديني: هذا الخطاب غالبا ما يكون أعم، يشمل أمور الدين والدنيا، وإن كان هدفه الأولى ديني، ومن ذلك خطب الجمعة.
4- خطاب شعري: هو ذلك الخطاب الثاوي خلف شعر شاعر، هذا  الخطاب ينفرد بخصيصة أساسية هي خرقه للواقع. وهي الفكرة التي دارت حولها قضية الصدق والكذب من قبل.
5- خطاب أدبي: يشمل الشعر والنثر معا، وقد أفاض فيه توفيق الزيدي، حيث يقول: "إن الخطاب الأدبي ينبني على اللغة فهو لا يعدو أن يكون سلسلة من الكلمات التي تنتظم داخل الجمل. أي أن القصة (أو القصيدة) ليست إلا جملة طويلة مركبة، والذي يميزها عن الكلام العادي هو كيفية تنظيم وحداتها      اللغوية، وهو أمر موكول إلى علم التركيب الذي يختلف كليا عن "النحو" بالمفهوم العربي الكلاسيكي إذ هو لا يعتني إلا بالوظيفة الإعرابية للمفردات أو الجمل، ولا يهتم بالدور التركيبي الذي يلعبه مكانه في سلسلة الكلام ومدى تأثيره   في تحديد الدلالة. فعلم التركيب يهتم بدراسة الدوال في نطاق المحور السياقي الواردة فيه، دراسة تعتمد إبراز الخصائص اللغوية لتلك الدوال (...)، بل إن علم التركيب يستند إلى نظام الدوال في نطاق ما تدل عليه، ودراسة الخطاب من  وجهة تركيبه تفضي حتما إلى اكتناه دلالته، لأن التركيب متى افتقد الدلالة افتقد قيمته، وهو ما تغافل عنه النقد اللغوي الكلاسيكي إذ إن همه منصب على اللغة لغاية اللغة، وقد يعود ذلك إلى بعض الرواسب هي التي جردت الخطاب من بعده  الفني ومزقت وحدته اللغوية الفنية. ولعل أهم أثر للسانيات في النقد العربي الحديث هو تأكيدها عل تلك الوحدة..."[47].
هذه الخطابات وغيرها، وإن كانت هي نفس الخطابات القديمة، إلا أن الدراسة تختلف. ويمكن أن نقتصر على خطاب واحد لإبراز ذلك ويكون هذا الخطاب هو الخطاب الشعري.

تحليل الخطاب الشعري:
تحليل الخطاب الشعري، أفرد له، ذ.محمد مفتاح، كتابا خاصا. يمكن أن نقف عند جوانب منه لإبراز نظرة المحدثين لهذا الخطاب.
يرى الدكتور محمد مفتاح "أن أية مدرسة لم تتوقف إلى حدود الآن في صياغة نظرية شاملة، وإنما كل ما نجده هو بعض المبادئ الجزئية والنسبية التي إذا أضاءت جوانب بقيت أخرى مظلمة"[48]... ولهذا يجب الأخذ بنظرة كل مدرسة لتشكيل صورة شاملة حول الخطاب الشعري، وهو ما دفع محمد مفتاح إلى تصنيف النظريات اللسانية إلى مجموعة كبرى هي:
                         I.    التيار التداولي ويتفرع إلى شعبتين:
1- نظرية الذاتية اللغوية:
وأهم روادها الفيلسوف "موريس"، ومجال  اهتمامها الظواهر اللغوية بما فيه (المعنيات، ألفاظ القيمة...)[49].
  2- نظرية الأفعال الكلامية:
مؤسسوها فلاسفة (أوكسفورد) وهدفها القضاء على الوضعية المنطقية "التي كانت لا تقبل من التعابير إلا الأخبار القابلة للتمحيص والتجريب، وأبرز ممثليها "أوستين"، و"سورل" و"كرايس"[50].
II- التيار السميوطيقي (السيميائي):
أهم مثل هذا التيار "كريماص" ومدرسته، وقد استقى نظريته من معارف أنتروبولوجية، ولسانيات بنيوية وتوليدية، ومنطقية، ويمكن القول إنها أشمل نظرية لتحليل الخطاب الإنساني، ويمكن تحديد خصوصيات هذا التيار في النقاط التالية:
* قراءة النص الشعري من وجهي التعبير والمضمون.
* تعدد القراءات للنص الواحد بناء على تطبيق مفهوم التشاكل.
* النص الشعري منغلق على نفسه، له عالمه وحياته الخاصان به، فلا يحيل على الواقع إلا ليخرقه.
* جدلية النص والقراءة"[51].

III- التيار الشعري:
أبرز رواد هذا التيار "ياكبسون"، وقد كان إسهامه حاسما في تأسيس النظرية الشعرية الحديثة، "وأهم مظهر لهذه النزعة يتجلى في المقابلة المتناقضة: الشعر/ النثر (...)، على أن "ياكبسون" هو باحث ذو خبرة واطلاع واسع لم يبق تلك الثنائية المتناقضة، وحدها، وإنما جعل إلى جانبها ثنائية متضادة مما يجعل هامشا للتقاطع والتمازج..."[52]. وهو ما استثمرته بعض الدراسات اللاحقة معتبرة أن ليس هناك جنس أدبي يخلو من شائبة.
أما "جان كوهن" فقد انطلق من مسلمة تقول: "إن الشعر يقوم على  المجاز  وبخاصة الاستعارة. ومن ثمة فإنه يقوم على خرق العادة اللغوية..."[53]. في حين أن "مولينو" و"تامين" قد تصدا لدك من يدعي أن التحليل اللساني هو الحل لكل مغاليق الخطاب الشعري. ذلك أن اللسانيون عجزوا عن إعطائنا قوانين    للسيطرة على اللغة اليومية ما بالك بالخطاب الشعري ؟![54].
يتبين مما سبق أن هناك تيارات لسانية متعددة، كل منها مشروط بتجربة ثقافية وتاريخية وحضارية " فسورل وكريماص" اتفقا على أن الأدب – ومنه الشعر ليس له قوانين خاصة، وقد ابعد "سورل" الأدب عن مجال اهتمامه وجعل  كريماص الكشف عن الأدبية آخر، المطاف واتفق مولينو وتامين ورفاتير على  أن اللسانيات عاجزة عن تحديد قوانين عامة وشاملة لدراسة الخطاب الشعري[55].

خلاصات:
بعد هذا الجرد يمكننا أن نخرج بمجموعة من الخلاصات، أهمها:
- صعوبة حصر النص بمفهوم محدد.
- المشترك بين كل النصوص هي اللغة، إذ يستحيل الحديث عن أي نص في غياب اللغة.
- الخطاب هو الآخر يصعب حصره بتعريف قار، لأن الحدود بينه وبين النص متقاربة جدا، حتى أنهما يصيرا مترادفين أحيانا، ومع ذلك لا بأس إن قلنا  إن الخطاب إنتاج لغوي يربط بنية النص الداخلية بظروفه المقامية "بمعنى واسع".
- النص في التراث البلاغي الإسلامي نادرا ما يخلو من البسملة، والحمدلة والتصلية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تدبج النصوص بعناصر أخرى كالتشهد والدعاء... ويعقبها فصل الخطاب " أما بعد".
أما الاستهلالات فتتنوع وتختلف بحسب مضامين الكتب.
- اسم المؤلف/ والعنوان/ والمقدمة "الخطاب الواصف" من أهم مميزات النص، التي لا يمكن الاستغناء عنها. وقد اهتم بما القدماء والمحدثون أيما اهتمام.
- اهتمام البلاغة القديمة بالخطاب كان لغويا بالأساس، وذلك لأن أغلب مؤرخي علوم البلاغة يقفون عند كون البلاغة نتجت مع "إعجاز القرآن".
- المحدثين تناولوا النص من زوايا مختلفة، وذلك راجع لاختلاف  توجهاتهم ومشاربهم، فهناك (اللسانيات بأنواعها/والأسلوبيات/والوظيفيات/ والسيميائيات...).
- الاهتمام بالأيقونة "لوحة الغلاف" لم يظهر إلا مع البلاغة الحديثة.
- اهتمام المحدثين بأنواع الخطاب فاق اهتمام القدماء بكثير، إذ أن كل خطاب أفردت له دراسات متعددة.
- مما سبق يتضح أن الفرق بين البلاغتين القديمة والحديثة فرق ذو طبيعة منهجية وصورية.

 بيبليوغرافيا المصادر والمراجع والمعاجم :
1- أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث: توفيق الزيدي، الدار العربية للكتاب، سنة 1984.
2- الأسلوبية والأسلوب: عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب، ط 2، سنة 1982.
3- تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص): محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، ط 1، سنة  1985.
4- جواهر الأدب في آدابيات وإنشاء لغة العرب: السيد أحمد الهاشمي، مؤسسة المعارف، ج 2.
5- الشعر والشعراء: ابن قتيبة، دار إحياء العلوم، بيروت، ط 6، سنة  1997.
6- عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر: يوسف الإدريسي، منشورات مقاربات، ط 1، سنة 2008.
7- في بلاغة الخطاب الإقناعي: محمد العمري، سلسلة الدراسات النقدية  (5)، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط  1، سنة 1406-1986.
8- ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة: الطاهر أحمد الزاوي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، م 4، ط 3.
9- قضايا تحليل الخطاب، المبادئ والآليات: ذ. عبد العزيز بوضاض.
10- لسان العرب المحيط: ابن منظور، معجم لغوي علمي، قدم له العلامة الشيخ عبد الله العلايلي، إعداد وتصنيف يوسف خياط ، نديم مرعثلي، دار لسان العرب، بيروت، لبنان، م 3.
11- نظرية علم النص، رؤية منهجية في بناء النص النثري: د. حسام أحمد فرج، مكتبة الآداب، ط 2، سنة 1430-2009.
12- النقد الأدبي عند العرب حتى نهاية القرن الثالث الهجري: محمد طاهر درويش، دار المعارف، مصر، ب. ط، سنة 1979.
13- نقد الشعر عند العرب في الطور الشفوي: عبد العزيز جسوس، المطبعة والوراقة الوطنية، الدوديات، مراكش، ط 2، سنة 2008.


[1] - ترتيب القاموس على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة: الطاهر أحمد الزاوي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، م 4، ط 3، حرف النون، مادة (نَصَّا)، ص: 381-382.
لسان العرب المحيط: ابن منظور، معجم لغوي علمي ، قدم له العلامة الشيخ عبد الله العلايلي، إعداد وتصنيف يوسف خياط، نديم مرعثلي، دار لسان العرب، بيروت، لبنان، م 3، حرف النون. 
[2] - لسان العرب المحيط: ابن منظور، معجم لغوي علمي، قدم له الشيخ عبد الله العلايلي، إعداد وتصنيف يوسف خياط، نديم مرعثلي، دار لسان العرب، بيروت، لبنان، م 1، الخاء، ص: 855-856.
[3] - ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة: الطاهر أحمد الزاوي دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 3، م 2، حرف الخاء، ص:  75-76.
[4] - قضايا تحليل الخطاب: المبادئ والآليات، ذ. عبد العزيز بوضاض، ص:  1-2.
[5] - قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية الخطاب: من الجملة إلى النص، أحمد المتوكل، دار الأمان، الرباط 2001، ص: 16.
[6] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر: يوسف الإدريسي، منشورات مقاربات، ط 1، سنة 2008، ص: 23.
[7] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 15.
[8] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 26-27.
[9] - نقد الشعر عند العرب في الطور الشفوي: عبد العزيز جسوس، المطبعة والوراقة الوطنية الدوديات مراكش، ط 2، سنة 2008، ص: 165-166-167.
[10] - الشعر والشعراء: ابن قتيبة، دار إحياء العلوم، بيروت، ط 6، سنة 1997، ص: 23.
[11] - النقد الأدبي عند العرب حتى نهاية القرن الثالث الهجري: محمد طاهر درويش، دار المعارف، مصر، ب.ط، سنة 1979، ص: 176.
[12] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 32.
[13] - نفسه، ص: 35.
[14] - في بلاغة الخطاب الإقناعي: محمد العمري، سلسلة الدراسات النقدية (5)، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1، سنة 1406-1986، ص: 36.
[15] - جمهرة خطاب العرب، 1/187، نقلا عن محمد العمري في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 37.
[16] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 38.
[17] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 39.
[18] - جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب : السيد أحمد الهاشمي، مؤسسة المعارف، ج 2، ص: 121.
[19] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص:  42-43.
[20] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 43. نقلا من سرح العيون 184.
[21] - نفسه، ص: 44.
[22] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 47.
[23] - نفسه، ص: 48-49.
[24] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 51-52.
[25] - نفسه، ص: 52 نقلا من الجمهرة 2، 289-290.
[26] - نفسه.
[27] - في بلاغة الخطاب الإقناعي، ص: 70. نقلا من البرهان لابن وهب، ص: 117-119.
[28] - أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث: توفيق الزيدي، ص: 139.
[29] - "... الأسلوب (...) هو النسيج النصي الذي يبوأ الخطاب منزلته الأدبية. فتكون الأسلوبية عمليا "علما يعنى بدراسة الخصائص اللغوية التي تنتقل بالكلام من مجرد وسيلة إبلاغ عادي إلى أداء تأثير فني"، عبد السلام المسدي، المقاييس الأسلوبية في النقد الأدبي من خلال البيان والتبيين، ص: 92.
[30] - الأسلوبية والأسلوب: عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب، ط 2، سنة 1982، ص: 90-91.
[31] - نفسه، ص: 41.
[32] - نفسه، ص: 182.
[33] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 43-44.
[34] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 46.
[35] - نفسه، ص: 46.
[36] - نفسه، ص: 48.
[37] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 51.
[38] - نفسه، ص: 51.
[39] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص 56. نقلا من: G. Genette: seuits, op.cit, p: 135.
[40] - عتبات النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ص: 55.
[41]- نفسه، ص: 56.
[42]- نفسه، ص: 56.
[43] - عتبات  النص، بحث في التراث العربي والخطاب النقدي  المعاصر، ص57-58-59.
[44] - نظرية علم النص، رؤية منهجية في بناء النص النثري: د. حسام أحمد فرج، مكتبة الآداب، ط 2، سنة 1430هـ/2009م، ص: 78.
[45]- نظرية علم النص، رؤية منهجية في بناء النص النثري، ص: 78.
[46] - نفسه، ص: 79.
[47] - أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث: توفيق الزيدي، ص: 73-74.
[48] - تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص): محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، ط.1، سنة 1985، ص: 7.
[49] - تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص)، ص: 8.
[50] - نفسه، ص: 8.
[51] - نفسه، ص: 12.
[52]- تحليل الخطاب الشعري، ص: 12-13.
[53] - نفسه، ص: 13.
[54] - نفسه، ص: 13.
[55]-  نفسه، ص: 14.