الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014



القراءة التوجيهية لمؤلف «اللص والكلاب»

للفنان والمبدع والروائي المصري الكبير: " نجيب محفوظ " 

ذ. حميد المساوي
 
أولا: العتبات الخارجية:

يتضمن الغلاف الأممي للمؤلف مجموعة من المؤشرات التي يمكن للقارئ المتأمل الاستفادة منها في قراءة وتحليل مكونات المؤلف وسبر أغواره، ويمكن تحديدها على الشكل التالي:

 

                          1ـ العنوان:

يعتبر العنوان مفتاح كل عمل، أدبيا كان أو غير أدبي لذلك تقتضي الدراسة في مستواها الأول الوقوف عنده، من جهة علاقته المباشرة بالقضية المتضمنة في متن الكتاب، فإذا عدنا على سبيل المثال إلى مؤلف نجيب محفوظ هذا، نجده قد تضمن كلمتين دالتين " اللص ،الكلاب"، يجمع بينهما حرف عطف "الواو"، ما يدل على اتصالهما في الآن. ويقترن المدلول الظاهر لكلمة اللص، في الغالب الأعم بالسرقة، والنهب، والخيانة، والغدر، بخلاف كلمة الكلاب التي تدل على الوفاء والصبر، وإذا ما قارنا العنوان بمتن المؤلف سنجد أن الكلب خرج عن معناه الأصلي، حيث أصبح يحمل سمات إنسانية، إذ قد يقصد بالكلاب في المؤلف كل من خان شخص سعيد مهران (اللص)، ومنهم (الزوجة نبوية/ البنت سناء/ الصديق رؤوف علوان/ عليش...). ويرمز اللص في المؤلف إلى الوفاء والإخلاص.

ما يلاحظ على العنوان أيضا أنه كتب بلون أبيض داكن، أسفل صفحة الغلاف، واللون الأبيض غالبا ما يدل على الصفاء والود والسلام، الأمر الذي يجعل العنوان في مفارقة واضحة باللون الذي كتب به، ويجعل القارئ في متاهة، وفوضى، وتساؤل عن طبيعة القضية التي يمكن أن يتضمنها مؤلف بهذا العنوان.

 

                     2ـ صاحب المؤلف:

نجيب محفوظ، كاتب ومؤلف مصري مشهور، ولد سنة 1912م في أسرة متوسطة، درس الفلسفة بكلية الآداب وتخرج منها سنة 1934م. حصل على العديد من الجوائز أهمها جائزة نوبل للآداب سنة 1988م، بفعل باعه الطويل، وقدرته الفائقة في الإبداع الروائي. وقد صدر له في هذا المجال العديد من المؤلفات، أهمها: همس الجنون، بداية ونهاية، قصر الشوك، ثرثرة فوق النيل، أولاد حارتنا، واللص والكلاب...

                     3ـ جنس المؤلف:

 

بالاستناد إلى طبيعة الغلاف، وحجم المتن المتضمن، يمكن إدراج هذا الكتاب ضمن الفن الروائي، والرواية باعتبارها نوع من أنواع الفن القصصي، فلا بد من أن يكون لها بناء فني محكم مثل سائر أنواع الفن القصصي الأخرى (السير/ القصص/ الأخبار/ الرسائل)، والغالب على فن الرواية هو هيمنة عنصر التخييل، مما يجعل القارئ أمام إمكانيات متعدة للتأويل.

يجمع أهل الأدب على فن الرواية اقترن في بداياته بظهور المدينة، لما تتيحه هذه الأخيرة من إمكانيات للإبداع بفعل تنوع وتعدد أحداثها.

ومن رواد فن الرواية في العالم العربي، نذكر: نجيب محفوظ، مبارك ربيع، طه حسين، عبد الله العروي...

                      الغلاف:
 
أـ الغلاف الأمامي:

 يتخلل الغلاف دليل أيقوني، عبارة عن لوحة فنية حافلة بمجموعة من المكونات، حيث يحتل اللون الأزرق مساحة كبرى في الغلاف، وهو رمز التأمل، وبعد النظر، تتخلل أعلى الصورة يدا رجل متوار، يصوب مسدسا في الفراغ، ويتضح أنه يرتدي لباسا أسودا أنيقا، ويفترض أن يكون هذا الشخص هو سعيد مهران، كما يفترض أن يكون شخصا آخر، وينجم التفاوت في لباس الشخص بين الأبيض والأسود إلى تفاوت في الإحساس والإنفعال النفسي، تحتل يدا الشخص مكانا هاما في صورة الغلاف، ما قد يفيد أنه ذا سلطة. خلف اليدين توجد بنايات متعددة تظهر عليها سمات القدم ويظهر أنها أحياء شعبية، وقد تكون الأمكنة التي دارت فيها أحداث الرواية. بين يدي الشخص يوجد كلبان أسودان يلهتان، وقد يقصد بهما في هذه الحالة كل من خان سعيد مهران بما فيهم زوجه وابنته، والكلب الأسود غالبا ما يرمز إلى الشؤم والعدوانية. يتخلل اللوحة إطاران أحدهما بلون أسود والآخر بلون أخضر مما قد يفيد أن هناك أمل على الرغم من كثرة المعاناة والمأساة. أسفل اللوحة وفي الجانب الأيمن منها توجد امرأة فاتنة، ترتدي لباس شفافا، وكثير من الحلي والمجوهرات، تتخف خلف الجدران والبنايات، بادية على عينيها أمارة الغدر والخيانة، ومن المفترض أن تكون زوج سعيد مهران نبوية.

 
ب ـ الغلاف الخلفي:
 

 يلاحظ على الغلاف الخلفي غياب أي مؤشر يمكن أن يساعد القارئ على معرفة فحوى هذا العمل الروائي. الأمر الذي يطرح أمامه جملة من الفرضيات، والتصورات.

 
ثانيا: العتبات الداخلية:
 

قسم المؤلف كتابه إلى ثمانية عشر فصلا؛ الملاحظ عليها أنها جاءت خالية من العنونة، الأمر الذي يجعل القارئ في حيرة من أمره، ويفسح أمامه المجال الأوفر للتأويل. والملاحظ على هذه الفصول أنها تكاد تتساوى من حيث الحجم، ما يفصح عن تجربة متميزة في الإبداع الروائي، تتخلل هذه الفصول العديد من اللوحات الفنية التي لها علاقة مباشرة بموضوع كل فصل، والتي لها دور هام في فهم الموضوع.