الجمعة، 8 يوليو 2011

"نظرية الصورة" سنة 1994قراءة د. محمد الجواي (أستاذ بكلية الآداب بمراكش).

كيف نقرأ كتابا ؟(مجموعة البحث في الصورة)                      الأربعاء: 08/06/2011
                                                        المساوي              
 Picture theory:  essays on verbal and visual representation BYW.J. 
Thomas Mitchell.(1994)
"نظرية الصورة" سنة 1994 قراءة د. محمد  الجواي
(أستاذ  بكلية الآداب بمراكش).

            قبل الحديث عن الكتاب لابد من إلقاء نظرة سريعة حول الكاتب وإن كنا سننحاز على الترتيب والتسلسل الذي ارتآه المترجم (محمد الجواي) في سرد المعطيات والأفكار المتعلقة بالموضوع، إذ ابتدأ حديثه عن الأدب بشكل عام، ثم تلاه بالحديث عن الكتاب، تاركا صاحب الكتاب إلى مابعد. وفي نظري أن الحديث عن المؤلف هو الذي يجب أن يتصدر الكلام؛ إذ لا يتصور معرفة فكر أي شخص دونما معرف مسبقة عن حياته وعن مؤلفاته إن كانت له مؤلفات.
ولهذا السبب سيكون علينا أن نختار وجهة  أخرى في رصد المعطيات دون الخروج عن ما توصل إليه المترجم، ودون إغفال للجانب النقدي إذا أمكن.
 طوماس ميتشل: عاش هذا الرجل بأمريكا في أواخر ق20، و بدايات ق21، وفي هذه الفترة بالذات كان الحديث عن "الصورة" قد أخذ من الفكرين الكثير وصرف انتباههم، وطوماس واحد من هؤلاء، فقد أفرغ حياته في البحث عن الصورة وعن عوالمها، ولا يكاد يخلو مؤلف من مؤلفاته إلا ونجد فيه حديثا عن الصورة.
بسبب اهتمامه بالصورة عين طوماس رئيسا لأرقى وأهم دورية تصدر في كل ثلاثة أشهر (من أواسط السبعينات إلى الآن)، بخصوص موضوع الصورة.
 كتب إلى حد الساعة أربعة كتب هي:
- "علم الأيقونة":                -  iconology (1986)        
- "نظرية الصورة":       - picture  theory  (1994)          
- "ماذا تريد الصور؟": - what the pictures want  (2005)
- "استنساخ الإرهاب، حرب الصور".
إن الإشكال الذي يعالجه ميتشل في كتابه" ..picture theory."، يتجسد في العلاقة البينة بين النص والصورة، إذ لا يمكن بأي وجه من الأوجه الفصل بين هذين العنصرين،  فالصورة جزء من النص، والنص جزء من الصورة.
وحيثما وجد الإنسان وجدت الصورة، يحلم بالصورة، ويفكر بالصورة، وتستملكه الصورة ( الصورة لغاية سياسية مثلا) "نريد أشياء من الصور، والصور تحتاج إلى أشياء منا، تريد أن نحتفظ بها، تريد أن نقبلها".
ميتشل يعطي للصور الحياة، فهي كائن حي ومتحرك. والصورة في نظر ميتشل ليست صورة واحدة  وإنما هي أشكال متعددة.

- صور لفظية        Verbal

- صور ذهنية      menta                                                              
                                  
- صور إدراكية    pereeptual   
- صور بصرية    optical
- صور تصويرية graphic
                
                                                       
مأخود من كتاب "علم الأيقونة"

وكل صورة من هذه الصور لها ما يميزها عن غيرها؛ فالصور اللفظية  تتمثل في أشكال المجاز ( الصورة الشعرية)، والتعبيرات الوصفية. والأدب هو المنجم الذي يحفل بهذا النوع من الصور.
والصور الذهنية وهي كل ما يدور بالذهن ويتخذ شكلا معينا. فالصور الإدراكية وهي المظاهر الخارجية. ثم الصور البصرية وتتجسد في الماريا، والصور المنعكسة. فالصور التصويرية، وتتمثل في: الفوتوغرافيا، لتماثيل  التصميمات، الخرائط ...
وكل صورة تنتمي إلى حقل معرفي معين، فالصورة الذهنية تنتمي إلى علم  النفس، والصورة العقلية تنتمي إلى علم المعرفة، والصورة البصرية تنتمي إلى علم الفزياء والصورة اللفظية تنتمي إلى علم النقد الأدبي.
وقد وضع ميشيل مجموعة من الشروط لتحليل الصورة، وتخص المحلل بشكل مباشر وهي:
 * القدرة على الإلمام بمناهج البحث
              * التفلسف في اللغة 
 * العلم بالبصريات. 
 * العلم بتاريخ الفن.
 * العلم بالنقد.
منهج ميتشل:
يتميز منهج ميتشل بالتنوع والانتقائية والشمولية في آن واحد، والشمولية لأن همه بالأساس نظري.
يقول ميتشل مند البداية: "لا أستطيع أن أدعي بأنني سأقوم بإنهاء عمل  نظير يكون منتهي بخصوص الصورة"، فهو يبرر مند البداية عدم الانتهاء عند  حل واحد وموحد لمشكل الصورة، وأن ما يقوم به ما هو إلا فاتحة لمشروع لم يختم  عليه بعد لأن الصورة موضوع ميداني لا يمكن الإحاطة به من كل الجوانب.
 ينقسم عمل ميتشل إلى شقين، شق نظري يتمثل في أن هذا العمل امتداد لسليلة المفكرين الذين اهتموا بالصورة ابتداء من ملينوفسكي، ومرورا بكومبرتش  (تاريخ الفن/ الفن والوهم).
وإن كان لهذا الرجل من ميزة تذكر، فإنما لهدم هذه الهوة داخل الحقول  المعرفية، وقد يستفاد من هذا أن الرجل يدعو إلى منهج متكامل.
وشق تطبيقي مجسد في الاهتمام بالصورة كقصيدة شعرية أو لوحة أو فيلم سينمائي، أو صورة ذهنية. وكيف أن الصورة تصبح جزءا من النص؟ فهو إذن يؤكد على العلاقة الوطيدة بين الصورة والنص، وأن لامبرر للفصل بينهما.
في نظري أن محلل الصورة مهم بلغ، فإن تأويله يظل نسبيا إذا ما قرنا بتصور صاحب الصورة ولذلك تختلف تأويلتنا للصورة الواحدة، وقد تختلف حتى  الآليات.  
هناك مجموعة من المواقف هي في نظرنا بمنزلة عمل متمم لما قام به  المترجم (محمد الجواي).
- موقف الدكتور عز الدين الذهبي ( كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، مراكش): يرى أن الصورة لها خطورة كبيرة في كل حياتنا (سياسيا/ إجتماعيا/ إقتصاديا/ فكريا...)، لما تؤذيه من وظائف (وظيفة  تخزين الحقيقة، فوظيفة التحليل، ثم وظيفة فنية وجمالية).
فانتهى إلى سؤال، في نظري لو تمت الإجابة عنه لأمكننا التخلص من العوائق التي تتخلل موضوع الصورة والسؤال هو، كيف نواجه هذا الهجوم الذي تواجهنا به الصورة؟.
- موقف الدكتور عبد الواحد بن ياسر(كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، مراكش ): حاول أن يعالج الموضوع  من نظرة فلسفية، قارن فيها بين أفلاطون وأرسطو؛ فإذا كان أفلاطون في الكتاب العاشر من الجمهورية، قد انتقد وهاجم الصورة والتصوير وكل ماله محاكاة  وإمائية.
فإن أرسطو على العكس من ذلك وقف موقفا إيجابيا من الصورة أو المحاكاة بشكل عام.
تحدث أيضا عن نظرية الأدب؟، فأشار إلى وجود تشكيك في كل ما هو نظري، ومع ذلك لا بأس أن نستحضر كل الكتابات المتعلقة بالصورة. ويظل لنظرية الأدب حضورها مثل ما لا يمكن أن نستغني عن سيميولوجيا الصورة، ومثلما لا نستطيع أن نستغني عن النص بوجود النص الرقمي.
- موقف الدكتور مصطفى العريصة (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، مراكش ): أشار إلى أن الحديث عن الصورة  يرتبط دوما بثقافة حول الصورة وأن النقاش يجب أن ينصب على علاقة اللغة  بالمرئيات.  

مراكش في: 08/06/2011

بانت سعاد




كعب بن زهير

من البسيط
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ

مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا

إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً

لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ

كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ

صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ

مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّهاصَدَقَتْ

مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها

فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها

كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ

إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ

إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا

وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
أرْجو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها

وما إِخالُ لَدَيْنا مِنْكِ تَنْويلُ
أمْسَتْ سُعادُ بِأرْضٍ لايُبَلِّغُها

إلاَّ العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسِيلُ
ولَنْ يُبَلِّغَها إلاّغُذافِرَةٌ

لها عَلَى الأيْنِ إرْقالٌ وتَبْغيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ

عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ

إذا تَوَقَّدَتِ الحَزَّازُ والمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْم مُقَيَّدُها

في خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ
غَلْباءُ وَجْناءُ عَلْكوم مُذَكَّرْةٌ

في دَفْها سَعَةٌ قُدَّامَها مِيلُ
وجِلْدُها مِنْ أُطومٍ لا يُؤَيِّسُهُ

طَلْحٌ بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ
حَرْفٌ أخوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ

وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شْمِليلُ
يَمْشي القُرادُ عَليْها ثُمَّ يُزْلِقُهُ

مِنْها لِبانٌ وأقْرابٌ زَهالِيلُ
عَيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ

مِرْفَقُها عَنْ بَناتِ الزُّورِ مَفْتولُ
كأنَّما فاتَ عَيْنَيْهاومَذْبَحَها

مِنْ خَطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ
تَمُرُّ مِثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ

في غارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأحاليلُ
قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِها

عَتَقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
تُخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ

ذَوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحْليلُ
سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً

لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنْعيلُ
كأنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها إذا عَرِقَتْ

وقد تَلَفَّعَ بالكورِ العَساقيلُ
يَوْماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً

كأنَّ ضاحِيَهُ بالشَّمْسِ مَمْلولُ
وقالَ لِلْقوْمِ حادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ

وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا
شَدَّ النَّهارِ ذِراعا عَيْطَلٍ نَصِفٍ

قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
نَوَّاحَةٌ رِخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها

لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ
تَفْرِي الُّلبانَ بِكَفَّيْها ومَدْرَعُها

مُشَقَّقٌ عَنْ تَراقيها رَعابيلُ
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ

إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ

لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبالَكُمُ

فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ

يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني

والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً

والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ

الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ

أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه

أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ

الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ

في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ

وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ

مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما

لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ

أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ
مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّضامِزَةً

ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ

مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضاءُ بِهِ

مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ

بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ

عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
شُمُّ العَرانِينِ أبْطالٌ لُبوسُهُمْ

مِنْ نَسْجِ دَأوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ

كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدولُ
يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ

ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابِيلُ
لا يَفْرَحونَ إذا نَالتْ رِماحُهُمُ

قَوْماً ولَيْسوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِم
وما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ           

القرآن الكريم



لتحميل القران الكريم كاملا

محظوظة

محظوظة

              في زمن غابر في القدم، وفي غابة مليئة بالوحوش، أشجارها تمتد إلى السماء، وأزهارها تغطي سطح البسيطة، وفي كوخ صغير قرب نهر عظيم، كانت تعيش الجدة محظوظة، عجوز بلغت من السن عتيا، فلم تعد تبرح مكانها إلا بمشقة المشقة، امارة الكبر بادية عليها؛ وجهها تملئه تجاعيد كعروق النخيل، ورأسها مشتعل بالشيب، وفاهها كجحر ضب خرب.
          هي دائما محظوظة، طيلة هذه السنوات التي عاشتها في الغابة كانت محبوبة عند الطير والشجر والحيوان، حتى مالك الغابة يزورها صباح مساء يطمئن على حالها، ويتلق منها الحكم والمواعظ.



          منذ ولادتها لم تكن ترغب في أن تعيش في عالم الإنسان، هذا العالم المليء بالظلم والعدوان. كل شيء في هذا الكون يفهم ،سوى الإنسان، هذا الكائن الغريب؛ غريب في تفكيره، وفي تصرفاته، وحتى في خلقته.
           رضيت بالغابة فرضيت بها وآنستها وأوتها، وهي الآن في السن المائة.
لم تقدم للغابة شيئا، والغابة تجود عليها بعطاياها وخيراتها. أيفعل هذا الإنسان؟!  لقد كانت محقة في اختيارها.
 لكن كيف جاءت إلى الغابة؟ وهي ابنت الأربع.
           في ليلة شديدة السواد، فلا القمر ولا النجوم. أغار نهر عظيم، في حجم الجبال، على قرية صغيرة، لم يصب ولو لبنة. لم يرد كل شيء، ولكنه أخذ كل شيء، أخذ محظوظة وهي أثمن ما تملكه القرية. لم يكن يرضى أن تعيش محظوظة في القرية ولا في عالم الإنسان الغريب، يريد أن تكون واحدة منه، ومن الطبيعة.
            حملها وأخذ يرسم الطريق نحو الغابة، ويجب ما خلفه. فلم يلج النهار الليل حتى استقر الوضع، ومحيت آثار النهر.


فأخذت الأسرة وأهل القرية يبحثون عن الطفلة القمر. فلم يدروا أالسماء أقلعتها، أو الأرض أبلعتها !!
          وفي يوم من الأيام، ومع قرب وفات الجدة، اهتزت الأرض وربت، وأخذ الخوف يستشري قلوب ساكني الغابة، فبدأ الكل يتساءل عن السبب؟؟؟ إذ لم يكونوا يعهدوا مثل هذا الحادث من قبل.
أتدرون ما السبب؟ إنه موت الجدة المسكينة.
          اشتد غضب الغابة من هذا الحادث، وتفاقم حزن الطير، والشجر، والحيوان. فلم يمر يوم على موت الجدة، حتى تلاها ثلث ساكني الغابة، وأصاب الباقي مرض شديد كاد أن يؤذي بحياة الجميع.


              عندما يرخي الليل بحباله على الغابة، وعندما يحتشم القمر، وتغمض الشمس عينيها، وتسافر النجوم. تظهر كائنات غريبة، تشتهي أكل الضعفاء، ومار السبيل. أليس لهذه الكائنات الضعيفة الحق في أن تحيى حياتها؟ إلى متى سيظل ملك الغابة في سباته؟ أهو الآخر خائف من الليل؟ خائف لأنه لم يتعود أن يبرح مكانه. ولا يريد للضعفاء أن يحيوا.
              وقع هذا كله قبل أن تحل الجدة طفلة على الغابة، وبعد أن ماتت.
 توقع ماذا سيحدث لو أن فردا آخر حل بالغابة في هذه الأحايين؟!







                  

نحو تصور كلي لأساليب الشعر العربي المعاصر

                        د. صلاح فضل 
المساوي
1)  بين النظرية والتجريب

يرى صلاح فضل أن تكوين تصور كلي عن أساليب الشعر العربي المعاصر يتطلب بالضرورة ربط المعرفة التجريبية المستمدة من النصوص ذاتها بإطار نظري نوعي يستقطبويرشد خطواتها.
سيتحقق ذلك عند تصنيف الإنتاج إلى مدارات أسلوبية كبرى، تضم عديدا من الشعراء دون أن تمحو الحدود الفارقة بينهم أو تغفل عن إمكانية اجتياز الشاعر الواحد للمسافات الواقعة بين تلك المدارات.
إنه يدعو إلى " علم أدب محدث"، ونجده يضع لذلك العلم مجموعة من الشروط، هي:
¨     أن تكون مشكلاته وحلوله مصوغة بلغة مشتركة ومفهومة ( فرضية اللغة المتخصصة الاصطلاحية البعيدة عن التهويم ) .
نقول له: إن كل نص أدبي يمتلك لغة وأسلوبا خاصا وهو الذي يفرض شروط معالجته. وأن لاسبيل للحديث عن لغة مشتركة ومتخصصة ما دمنا نتحدث عن النص الأدبي.
¨    أن تكون قضاياه ونتائجه قابلة للاختبار الموضوعي؛ أي أن تتشكل على أساس تجريبي نقدي ( فرضية قابلية الاختبار ).
نقول: لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتوصل إلى منهج أو علم صالح لدراسة كل النصوص الأدبية على شكيلة واحدة. وكما يقول الأستاذ الذهبي: " أن يكون النص حقلا للتجارب والدراسات".
¨     طرح الإشكاليات وإيجاد الحلول لها ( فرضية المناسبة والأهمية ).
نقول: كل نص يحمل إشكالا خاصا ، لدى فلا سبيل إلى طرح الإشكاليات خارج النصوص الأدبية، لأننا لن نجد لها حلولا وبالتالي سنسقط في مثل ما سقطت فيه البلاغة المعيارية.
¨    أن تكون قابلة للتعليم والتعلم في بعض المؤسسات الاجتماعية والأكاديمية المتخصصة، دون حاجة إلى قدرات فنية خاصة ( فرضية قابلي
الانتقال ).
              وهنا الدعوة إلى التبسيط.
              والجميل في تصوره هو الدعوة إلى الالتزام بالتجريب والتخلص من الطابع الصوري المضاد للتجريب.
              إنه مجال من الأحوال يدعو إلى بناء" نحو كلي للشعر "، وهو ما لاسبيل إلى تحققه، " فكل نص أدبي له قواعده التي لاتنطبق إلا عليه، ولكل نص علمه الذي ينطبق عليه. وكل أديب له أسلوبه الخاص.
2)  من التعبير إلى التوصيل

إن " منطلق دراسة الأبنية الشعرية " باعتبارها " لغة ثانية " لا بد أن يتأسس من منظور التعبير، وأن ينحو إلى الارتباط بفكرة التوصيل المتعلقة بالقراءة، وهي متزامنة مع التوصيل اللغوي الطبيعي ومجاوزة له بشفرتها " الجمالية ".
ففي اللغةالعادية، بإمكان كل واحد يمتلك نحوا كاملا أن يحل جميع المشكلات المطروحة عليه إنتاجا وتلقبا.
لكن الأمر يختلف مع اللغة الشعرية، إذ ليس بإمكان كل واحد يمتلك نحوا أن يفك شفرات اللغة الشعرية الجمالية.
يبقى السبيل لفهم التعبيرات الشعرية،هو الربط بين فكرتي التعبير والتوصيل.
ويشير إلى نفس المسألة في مقال آخر عنونه ب"علم الأسلوب وصلته بعلم اللغة"، ويقول: " ... الأسلوب الأدبي لايمكن أن يدرس جديا بعزله تماما عن عملية التواصل التي يشترك فيها المؤلف والقاريء عبر النص ..." (مجلة فصول الأسلوبية ، م5. ع1 أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر1984).
وبالفعل فلا وجود لنص أدبي خال من الإقناع " فما من منتج للأدب إلا ويفكر في المتلقي، ويهدف لاستمالته، إلا أن القناع في النص الأدبي له خصوصياته التي تميزه عن الإقناع في خطبة سياسية، أو مرافعة قضائية..." (عز الدين الذهبي: الأسلوب بين اللغة والنص، ص: 19).
فالمتلقي هو المسؤول الأول والأساس في الرسالة ؛ فوظيفته بالغة الإيجابية والدينامية في عملية التواصل الفنية، إذ يتدخل في خلق القصيدة ابتداء من تصورها الأول.
فالشاعر يكتب لا محال بشكل يدعو القاريء لتقبل ما ينشىء وبدون هذا التقبل( لذة النص)، لا وجود للشعر.
وقد يستضم مفهوم التوصيل الشعري بما سماه شعراء الحداثة مند " مالارميه "
 ( مبادرة اللغة في الخلق )؛ فعندما يهتدي الشاعر إلى الكلمات التي تنقل توتره، فإن هذه الكلمات تورط الشعر فيما لم يكن يقصده خاصة ما قبل الكتابة، أما في حالة الكتابة فإن الاختيار اللغوي بكل ما يترتب عليه من آثار يصبح مؤشر التوصيل.
عموما فحيثما وجد النص الأدبي، توجد فكرة التوصيل الشعري.
3)  سلم الدرجات الشعرية:

         من خلال العنوان يتضح جليا أن الكاتب قدم مشروعه المتمثل في محاولة الإجابة عن إشكالية: ما يجعل من القصيدة الشعرية قصيدة جمالية؟ فاستعان بالآليات الإجرائية للنظرية التوليدية إذ يقول في هذا الصدد:  "... علينا أن نحدد جهازا مفاهيميا مبسط يصلح لتنظيم المقولات التوليدية للأساليب الشعرية المختلفة..." ( ص: 76-77). وإذا تتبعنا كلامه نجده يتحدث عن البنية السطحية والبنية العميقة، فهو إذن استعان بالنظرية التوليدية، وأراد تطبيقها على النص الأدبي، وقلنا على أن النص الأدبي نص متعدد القراءات والتخريجات، وهو من يفرض المنهج الملائم لدراسته لا أن يفرض عليه المنهج، وبالتالي فكلام صلاح فضل قابل للنقاش.
وما يؤكذ أنه استعان بالنظرية التوليدية في دراسة النص الأدبي هو قوله:" ... ويتسم بجملة من الخواص من أهمها المرونة، والاستيعاب وقابلية التطبيق، والتدرج من الجزء إلى الكل..."( ص:77 ).
فهذا الجهاز الذي اقترحه صلاح فضل لدراسة النص الأدبي يتمثل في خمس درجات هي كالتالي: ( درجة الإيقاع، درجة النحوية، درجة الكثافة، درجة التشتت، درجة التجريد).
ونقف معه عند قوله: إن الأساليب الشعرية يمكن أن تخضع للقياس والتحليل، نحن نقول: إن لكل نص خصائصه وأدواته الخاصة لدراسته، وبالتالي لامكان للقياس في النص الأدبي.
كما أنه أجمع على أن جميع النصوص الأدبية تدور حول تلك الدرجات التي حددها، وهذا لايجوز .فلا يمكن إعطاء حكم قيمة على الأشياء وبخاصة منها المتحركة مثل النصوص الأدبية، فهي تنمو وتتطور ولها عدة أبعاد وإيحاءات، وتطرح عدة قضايا يصعب تقديم إجابات حاسمة ونهائية. مثل هل النص الأدبي علم ، أم إيديولوجيا، أم فن؟ثم أخذ في تقديم تعاريف لهذه الدرجات التي ذكرنها سلفا، وعلى رأسها " البنية الإيقاعية " إذ يقول: "فهي أول المظاهر المادية المحسوسة للنسيج الشعري الصوتي، وتعالقاته الدلالية، وبوسعنا أن نطمئن إلى تحديد " كريماص " لها باعتبارها أجرومية التعبير الشعري" (ص:77).
فلأسلوبيين لايولون أهمية للبنية الإيقاعية لأن موضوع الأسلوبية هو البحث عن دلالات وإيحاءات النص الأدبي، فرغم محاولة صاحب المقال تطبيق الأسلوبية على الشعر الحديث، إلى أن الملاحظ هو اشتغاله بآليات ومعايير بلاغية، في حين أن الأسلوبية ترى أن لكل نص آلياته وقواعده الخاصة يفرضها عند دراسته.
أما النقطة الثانية أو بعبارة لغة صلاح فضل الدرجة الثانية فهي " الدرجة النحوية " إذ يقول : " فهو مصطلح توليدي اقترحه أولا تشومسكي كطريقة منظمة لتحديد نوعية الانحراف اللغوي عبر مقولات شكلية مضبوطة" ( ص:78 )، فحاول من خلال هذا التعريف أن يستعين بما توصلت إليه النظرية التوليدية في دراسة اللغة العادية، فهو في هذه الحال لا يميز بين اللغتين العادية والأدبية. ومحاولة وضع نحو كلي للشعر تتعارض مع النظرية الأسلوبية؛ لأنها لا تقبل المعيارية. وهذا ما ذهب إليه " صلاح فضل " في قوله : " ... إن نظرية الشعرية... تعمد إلى وصف الآليات التي تنتجها بطريقة إيجابية عن طريقة إقامة نحو الشعر..." ( ص: 79).
ولا ضير في أن نقف مع صلاح فضل عند قوله: " تتصل أساسا في تقديرنا ( درجة الكثافة) بمعيار الوحدة والتعدد في الصوت والصورة ... " (ص: 80 )، فاللغة العادية بدورها تتصف بالوحدة والتعدد في الصوت والصورة، وبالتالي فلا موجب للتسوية بين دراسة اللغة العادية، ودراسة اللغة الأدبية؛ لأن هذا فيه قتل للإبداع الجمالي في الأدب، وستكون النتائج المحصل عليها نتائج لسانية لا غير.
ثم يقول في مكان آخر " ... وجود فروق جوهرية بين الشعراء الثلاثة ( البارودي، وشوقي، والشابي ) في استخدام اللغة التصويرية ... " (ص: 80). وهنا فاضل بين الشعراء بواسطة إحصاء الصور الشعرية في شعر كل واحد منهم، وهذا لايجوز ؛ لأن جمالية النص الأدبي لا تكون فقط في استخدام الصور الشعرية، بل في أشياء أخرى تكشف أثناء تحليل النص تحليلا أسلوبيا ( الأدبية ).
ونجده يقول في نفس المقال: " ويبق للنقد الأدبي بعد ذلك أن يبحث في مدى دلالة هذه الكثافة الكمية للصور الاستعارية بقياس درجة انحرافها التخييلي، وارتباطها بأحادية الصوت الشعري أو تعدده ... " (ص: 80).
عندما قرأت هذا النص كنت أنتظر من صلاح فضل يوضح معنى قوله : " درجة انحراف الصور التخييلية " بمعنى أن هناك مراتب ودرجات لهذا الانحراف، نسأله هنا عن هذه الدرجات ما هي؟ وما عددها؟وما فائدة هذا في تطور النقد الأدبي؟ وفي مكامن الجمال في النصوص الأدبية ودراستها دراسة علمية؟ فالأسلوبيين لا يحكمون على النص الأدبي انطلاقا من عدد الصور الشعرية، بل مما توحي من دلالات، تلك الدلالات الإضافية الناتجة عن خرق الشاعر للمألوف ، وبتعبير صلاح فضل " الانحراف ".
ويقول في العنصر الرابع " درجة التشتت " : " ... وهو أكثر العناصر التحاما بالخواص الجمالية الشاملة للنص، ويرتبط بدوره بالمستويات السطحية والعميقة له ... " ( ص: 81).يتضح من قوله هذا أنه استعان بمصطلحات بنيوية وطبقها على النص الأدبي، ولا نرى ضيرا في ذلك ، لكن إذا تتبعنا كلامه سنجد أنه يحاول أن يحلل النص الأدبي وفق الآليات الإجرائية للنظرية التوليدية، وهذا غير مقبول ؛ لأن كل نص يفرض أدوات خاصة بتحليله.
يقول في مكان آخر من مقاله : " وقد أثيت البحث في مجال التلقي الفني أهمية النماذج وأشكال التوقع البنيوية، التي تسمح لنا بتصنيف واختيار وتنظيم ما نتلقاه ... " ( ص: 82 ).
نقول : إن كل نص أدبي له شروط تحكمه ( اجتماعية، اقتصادية، نفسية، تاريخية، فكرية ...)، ولا شك أن علماء الأسلوبية قد انتبهوا إلى هذه الخواص التي تحكم كل نص على حدة.
يقول : " ... إذ لا يستطيع تنظيم تأويل مناسب للنص مالم يعتمد على أحد هذه النماذج الشكلية لأنواع التماسك ... " ( ص: 82 ). هذا الكلام صحيح إذا كنا نتعامل مع نموذج واحد أو نماذج محدودة، لكن أمام ما لا نهاية له من النماذج، إذ لكل نص نموذج خاص به، وبالتالي فالانطلاقة من هذه النماذج لا تؤذي دائما إلى التأويل والفهم الصحيحين للنصوص الأدبية.
يقول في الدرجة الخامسة " درجة التجريد " : " ... وذلك لأن درجة الحسية تتعلق إيجابا بدرجتي الإيقاع خارجيا واضحا والنحوية مكتملة مستوفاة كانت الحسية أبرز ... " ( ص: 84 ). نظن أن صلاح فضل يعني ب " الحسية " الظهور والبيان، ويقصد ب " التجريد " اللبس والغموض.ومثال ذلك في القرآن الكريم، قوله تعالى: " إن هذان لساحران ".
 فقد جاءت الآية فوق القاعدة النحوية، وبالتالي تميل إلى اللبس والغموض، وهذا هو موضوع الأسلوبية؛ أي أن تجيب على السؤال : لماذا جاءت الآية القرآنية على هذا المنوال؟ وما السر في خرق القاعدة؟
لا بأس من الوقوف عند قوله : " ... فالكلمات الحسية في شعر الغزل الصريح مثلا تميل إلى تجارب حسية مشحونة بشهوة الحياة وشيق الغرائز... " ( ص: 85 ).نقول : إن النص الأدبي متعدد القراءات والإيحاءات، فليس هناك قاموس شعري خاص بالغزل وآخر خاص بالهجاء... وهكذا، كما أنه ليس هناك كلمة شعرية وأخرى غير شعرية، وإنما نحكم على الكلمة انطلاقا من السياق الذي وردت فيه.
عموما فمشروع " صلاح فضل " هذا مشروع محمود، لكن يبقى قابلا للنقاش، والنقد، كما هو حال جميع النظريات.

4)  جدولة الأساليب الشعرية:

  عندما نقف على العنوان " نحو تصور كلي لأساليب الشعر العربي المعاصر  " نجد أن الرجل غال بعض الشيء في مذهبه، على أنه سيحيط بالشعر العربي المعاصر من كل جوانبه ، ولن يغفل منه أي جانب، وهذا الأمر في مجال الأدب والعلوم الإنسانية بشكل عام لا يمكن أن نسلم به؛ لأن الأدب والشعر المعاصر خاصة يجدد في آفاقه وسياقاته بشكل لايمكن أن يحصر بتصور كلي ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فعندما نسمع جدولة الأساليب الشعرية، نفهم أننا أمام منهج إحصائي، وهذا ما سيفعله صلاح فضل عندما قسم الشعر العربي المعاصر إلى قسمين حسب الأساليب : أساليب تعبيرية، وأساليب تجريدية.
قسم الأول إلى أربعة أساليب:
v    الأسلوب الحسي ( يمثله نزار قباني ).
v    الأسلوب الحيوي ( يمثله أحمد عبد المعطي حجازي ).
v    الأسلوب الدرامي ( يمثله صلاح عبد الصبور ومحمود درويش).
v    الأسلوب الرؤيوي ( يمثله عبد الوهاب البياتي).
       وقسم الثاني إلى قسمين :
ü    الأسلوب التجريدي الكوني ( يمثله أدونيس).
ü     الأسلوب الإشراقي ( يمثله عفيفي مطر  وسعد يوسف).
فصلاح فضل يصنف الشعراء بحسب أسلوب شعرهم ولهذا لا يمكن أن نذهب مع صلاح فضل في هذا المذهب ؛ لأن الشعر ليس مواد ثابتة يمكن أن نصنفها حسب طبيعتها فالشعر متحول ومتجدد باستمرار، ويمكننا أن نصنف شاعرا حسب قصيدة ما في الأسلوب الحسي من الأساليب التعبيرية، وقد نجد قصيدة أخرى لنفس الشاعر تدخل في الأسلوب التجريدي الكوني، وقصيدة أخرى تدخل في الأسلوب الدرامي.
إذن أين يمكننا أن نحصر هذا الشاعر؟ أو بصيغة أخرى أي أسلوب يمثله هذا الشاعر؟ لأن كل قصيدة تفرض علينا أسلوبها الخاص بها وليس الشاعر موقعه صلاح فضت في أسلوب معين لا يكاد يبرحه.